الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا في هذه الليلة ليلة الأحد الثالث عشر من شهر ربيع أول عام (1421هـ) نفتتح هذا اللقاء السادس والسبعين من اللقاءات الشهرية التي تتم كل شهر ليلة الأحد الثالث من كل شهر في الجامع الكبير في عنيزة، والتي يشاركنا فيها في الآونة الأخيرة إخوانٌ لنا في مدن أخرى، نسأل الله تعالى أن ينفع بهذه اللقاءات.
هذا اللقاء سنجعله مناسباً لما يحدث في هذه الإجازة من كثرة الزواج.
فنقول: الزواج من سنن المرسلين، كما قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] وكما فعل صاحب مدين مع موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام حين قال له: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ} [القصص:27] ولأن فيه فوائد عظيمة للمجتمع عموماً وللزوجين خصوصاً، ولأنه من طبيعة البشر؛ فإن الطبيعة الفطرية تهوي النكاح وتريده، ولولا أن الله جعل في الفطرة هواية النكاح ما تزوج أحد؛ لأنه يستحيا -لولا قوة الشهوة- أن يكشف الرجل عورته للمرأة وتكشفها للرجل، لكن الله جبل الخلق على هذه الفطرة من أجل المصالح العظيمة التي منها: بقاء النسل وبقاء البشر، إذ لولا النكاح ما توالد البشر ولهلكوا.
وفي النكاح فوائد كثيرة: منها: التأسي بالمرسلين كما سبق.
ومنها: غض البصر وتحصين الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة -أي: النكاح- فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) .
ومنها: تكثير نسل الأمة، ولهذا حث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن نتزوج بالودود الولود؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكاثر الأنبياء يوم القيامة بأمته، وأمته أكثر الأمم بلا شك.
ومنها: ما يترتب على ذلك من الإنفاق على الزوجة والأولاد.
ومنها: ما يترتب على ذلك من تقارب الناس بعضهم لبعض، كما قال عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} [الفرقان:54] تجد الرجل لا يعرف هؤلاء القوم وليس لهم به صلة، فإذا تزوج منهم حصلت الصلة حتى كأنهم من أقاربه، وهذه هي إحدى الحكم في تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى يكون له في كل قبيلة من قريش صلة بالمصاهرة، ولهذا مات صلوات الله وسلامه عليه عن تسع نسوة.