اللقاء الشهري (صفحة 2201)

قضاء الإجازة بالسفر المحرم

ومن الناس من يقضي الإجازة في بلاد الكفر أو في بلاد دمار الأخلاق، نسأل الله العافية! يسافر بأهله وأطفاله إلى بلاد الكفر، بلاد لا يسمع فيها الأذان ولا تقام فيها الجماعة، وإنما فيها نواقيس النصارى وأبواق اليهود، يذهب بأطفاله، والطفل يتلقى ويتلقف ما يشاهد ويسمع ويبقى في قلبه.

ثم إنفاقٌ عظيم على هذه الرحلة في جيوب أعدائه، في جيوب أعداء الله، في جيوب من ينصرون اليهود، رفعٌ لمعنوياتهم -أي: الكفرة- ورفعٌ لاقتصادهم، وفخرٌ لهم أن يأتي الناس إلى بلادهم، وهذا يجب أن يخجل الإنسان منه في مروءته قبل أن ينظر في دينه، وهذه الرحلة لو قال قائل بأنها حرام لم يكن قوله بعيداً؛ لما فيها من إضاعة الوقت وإنفاق المال والخلل في الأخلاق والمروءة.

وهناك بلاد أخرى غير كافرة، لكن فيها أنواع من البلاء والشرور، يشاهدها الإنسان وهو في غنى عنها، فكأن هذا ممن يستعين برزق الله على معصيته.

لذلك نصيحةً لله عز وجل وإبراءً للذمة: أنصح إخواني المسلمين من أن يسافروا إلى هذه البلاد، وأقول: الحمد لله بلادنا فيها أشياء ترفيهية مباحة، ولست أقصد الترفيهية المحرمة كالأغاني والموسيقى وما أشبه ذلك، هذا لا نقره، ولا نجوز لأحد أن يشهده، لكن هناك أشياء مباحة يتسلى بها الإنسان وقتاً من الزمن.

ومن الناس من يقضي الإجازة في أعمال تجارية، يكون هذا الطالب -مثلاً- له والدٌ يتعامل بالتجارة، فيساعد والده ويستفيد ويكتسب.

ومن الناس من يقضي الإجازة في الحراسة، يكون أبوه فلاحاً فيساعد والده في الفلاحة، وكل هذا خير.

فالمهم أن نصيحتي لإخواني المسلمين: أن يستغلوا هذه الإجازة بما ينفعهم في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جميعاً، وأقول هذا استكمالاً للتقسيم، وإلا فالذي ينفع في الآخرة نافعٌ في الدنيا، انتبه يا أخي! أنا قلت: بما هو نافعٌ في الدنيا أو نافع في الآخرة أو نافعٌ فيهما، قلت هذا استكمالاً للتقسيم، وإلا فالذي ينفع في الآخرة ينفع في الدنيا؛ لأن الذي ينفع في الآخرة يعني: أنك اكتسبت الوقت وربحت الوقت، والذين لا ينتفعون في الآخرة من دنياهم خسروا أو لم يخسروا؟ خسروا والله، ضاعت أعمارهم، لم ينتفعوا من الدنيا بشيء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما جلس قومٌ مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا كان عليهم كرة) (كرة) أي: حسرة، كيف فاتنا؟ كل لحظة تمر بك لم تنتفع بها في الآخرة فإنها خسارة، لكن عادة قد تكون إثماً وقد لا تكون إثماً.

فعليك يا أخي بانتهاز الفرصة ما دمت في زمن الإمهال، هذه الإجازة استغلها بما ينفع ودع عنك ما يضر، وإذا كنت من الخيار فدع اللغو، كما قال الله عز وجل في عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، قال: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72] أي: يمرون مراً لا يتضررون فيه، بل يسلمون من إضاعة الوقت.

أسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يحب في الدنيا والآخرة، وأن يجعل أعمارنا في خير أعمالنا، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015