أما الأمور السلبية فهي كثيرة: منها: أن الإنسان ممنوع من أخذ الشعر والظفر والبشرة حتى يضحي، وإذا أرسل الدراهم فما الذي يعلمه أنه ضحي بها أو لا؟ لا يدري، فيبقى معلقاً هل يأخذ من هذه شيئاً أو لا يأخذ؟ ويبقى في شك حتى يضرب التلفون على الذين قبضوا الدراهم يقول: هل ذبحتم أضحيتي؟ حتى يأخذ من شعره الذي يستحب أخذه، فسيقولون: والله عندنا آلاف من الغنم ما ندري ما هي أضحيتك؟ ربما يقولون: انتظر ثلاثة أيام، ولا يمكن أن يتأكد أن أضحيته ذبحت إلا إذا انتهت الأضاحي كلها، فيبقى الإنسان معلقاً لا يفعل السنة في حلق العانة، ولا في تقليم الأظفار، ولا في الأخذ من الشارب، فعطل السنن.
ثانياً: من الأمور السلبية أنك إذا دفعت الدراهم -وهذه مسألة يجب النظر فيها نظراً عميقاً- إذا دفعت الدراهم ودفع الثاني دراهم والثالث دراهم، ولنقل اجتمع -مثلاً- مائة ألف فاشتري بها أضاحي، فما هي أضحيتك من هذه الأضاحي؟ إن الذين يضحون لا يدرون، اجتمع عندهم مائة ألف عن مائتين أضحية، ذبحوا المائتين ولا يدرون أن هذه لفلان أو هذه لفلان، ذبحوها باسم أنها ضحايا وبس، ومعلوم أنه لا بد من تعيين من هي له، ولم يبلغنا أن هؤلاء الذين يأخذونها أنهم يجعلون قوائم بأسماء فيقول: باسم الله عندي صفحة فيها عشرة أسماء، فلان ابن فلان هذه أضحيته فاذبحها يا جزار، ما يقولون هذا، وحينئذٍ تبقى أضحيتك عائمة، وبمقتضى القواعد الشرعية لا تجزئ الأضحية لأنه لم يعين، صارت مائتين أضحية مشاعة بين مائتين رجل أو أقل أو أكثر، وهذا أمر مشكل.
ومنها: أنه يفوتك الأكل منها وقد بينا أن بعض العلماء أوجب الأكل.
ومنها: أنك لا تأمن أن يتأخر ذبح أضحيتك إلى ما بعد أيام التشريق؛ لأنه إذا قدرنا أن هناك عشرة آلاف رأس والجزارون خمسة أو ستة أو عشرة، فهل يمكنهم أن يذبحوا هذا العدد الكثير في أربعة أيام؟ قد لا يمكن، فتبقى الأضاحي متأخرة عن وقتها، وكما سمعتم أولاً: إذا لم تقع الأضحية في وقتها فهي غير مجزئة.
والمهم أننا ننصح إخواننا المسلمين عن ارتكاب هذه الطريق بما فيها من فوات المنافع، وحصول الأمور التي يقع فيها الشك، ولسنا نريد بهذا أن نمنع الخير عن إخواننا المتبرعين بل نقول: يا أخي! انفع إخوانك بالدراهم، بالأطعمة، بالكسوة، بالفرش، بالخيام، بحفر الآبار، افعل هذا، وربما يكونون محتاجين لهذا أكثر من حاجتهم لقطعة من اللحم، فأرجو من إخواننا المسلمين في مثل هذه الأمور أن يتأنوا وأن يسألوا أهل العلم.
لو قال قائل: إذا دعت الضرورة في بلد ما إلى بذل الأضاحي لهم، نقول: لا تبذل الأضاحي، ابذل صدقة، والصدقة عند الضرورة أفضل من الأضحية، لكن ادفعها لا على أن يشترى بها أضحية، الأضحية دعها عندك في بيتك، وهذه اجعلها صدقة والصدقة عند الضرورة -أي: دفع الضرورة- أفضل من أضحية، فمثلاً: إخواننا في الشيشان مضطرون إلى مساعدتهم بالمال إذا كان يمكن أن يصل إليهم، فإذا كان الإنسان عنده مائتا ريال إما أن يشتري بها أضحية أو يرسلها لهم؟ الأفضل أن يرسلها لهم؛ لأنهم في ضرورة والأضحية ما هي ضرورة، فلينتبه المسلمون لهذا، ولا ينجفلوا للدعوات التي ظاهرها العاطفة، والعاطفة يجب أن تكون من كل مسلم لأخيه، لكن لا بد من التمشي على الحدود الشرعية.