المسلمون اليوم يستقبلون شهر رمضان، وهذا الشهر له مزايا كثيرة على غيره من الشهور: منها: أن الله أنزل فيه القرآن قال تعالى: {هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] أنزل الله هذا القرآن في ليلة القدر، وهذا القرآن الكريم -أيها الإخوة- كلام الله عز وجل تكلم به حقيقة، وتلقاه جبريل من الله عز وجل، ونزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وتناقله المسلمون قرناً بعد قرن كابراً عن كابر حتى بلغنا -ولله الحمد- غير منقوص ولا مزيد، وهذا القرآن له أيضاً خصائص، منها: 1/ أنه كلام الله ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، ولا بعشر سور، ولا بسورة من مثله، ولا بأي حديث مثله، قال الله عز وجل: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:88] ومعنى (ظهيراً) أي: معيناً، وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13] وقال عز وجل: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} [يونس:38] وقال عز وجل: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور:34] ولو دون آية، ولكن لا أحد يستطيع.
2/ ومن خصائص القرآن الكريم: أنه لا يجوز للجنب أن يقرأه حتى يغتسل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أحرص الناس على إقراء القرآن لا يمنعه عن إقرائهم إلا الجنابة.
3/ ومنها: أنه لا يجوز مس المصحف أو أي ورقة فيها قرآن إلا بوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمس القرآن إلا طاهر) .
4/ ومنها: أن الحائض لا تقرأ القرآن إلا لحاجة، والحاجة مثل: الأوراد كآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وقل هو الله أحد، والمعوذات، وغيرها مما ورد من الأوراد.
ومن الحاجة: أن تخاف نسيانه فتقرأه ولا بأس.
ومن الحاجة: أن تكون معلمة تعلم القرآن ولو كانت حائضاً ولا بأس.
ومن الحاجة: أن تكون متعلمة فتسمع القرآن معلمتها، لأن هذه حاجة ولا بأس في ذلك.
5/ ومن خصائص القرآن: أن الحرف الواحد منه بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فمثلاً إذا قرأت: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] (مالك) أربعة حروف فيها أربع حسنات، كل حسنة بعشر أمثالها، فالجميع أربعون حسنة، في أي كلام يحصل هذا الفضل؟ لا يحصل إلا في القرآن الكريم.
6/ ومنها: أن القرآن يلين القلب ولو كان قاسياً، ودليل ذلك قول الله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر:21] وهو الجبل، وفيه يقول ابن عبد القوي رحمه الله:
وحافظ على درس القران فإنه يلين قلباً قاسياً مثل جلمد
نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا بالقرآن الكريم.