ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ.)
قال الله عز وجل: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] (ذلكم) المشار إليه السعي إلى الجمعة (خير لكم) من البيع ومن الدنيا وما فيها.
والله إن طاعة واحدة تطيع الله فيها خير لك من الدنيا وما فيها؛ لأن الدنيا زائلة والطاعة باقية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) اللهم اجعل لنا فيها موضعاً يا رب العالمين، اللهم اجعل لنا فيها موضعاً، اللهم اجعل لنا فيها موضعاً وموضع السوط أقل من هذه (الماسة) وليس المقصود الدنيا دنياك أنت، بل المقصود الدنيا من أولها إلى آخرها (ومن بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة) والبيت أكبر من موضع السوط (ومن صلى في اليوم اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتاً في الجنة) أربع قبل الظهر بسلامين، واثنتان بعدها، واثنتان بعد المغرب، واثنتان بعد العشاء، واثنتان قبل الفجر، إذا صليتها يوماً واحداً بنى الله لك بيتاً في الجنة، وفي اليوم الثاني بيتاً آخر، وهكذا الثالث والرابع.
إذاً: قول الله عز وجل هنا: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] أي: من البيع، وإن عظم وإن كثر ربحه فمضيكم إلى ذكر الله يوم الجمعة خير من ذلك.
{إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] أي: إن كنتم من ذوي العلم والفهم فاعلموا أن هذا خيرٌ لكم.
وهنا أنبه إلى أن الإنسان ينبغي له إذا قرأ: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} [الجمعة:9] أن يقف، ثم يقول: {إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة:9] لأنه لو قال: (ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون) أوهم أن يكون الشرط في الخيرية، فيكون المعنى: خير لنا إن علمنا وإلا فلا، والأمر ليس كذلك، هو خير لنا على كل حال، لكن (إن كنتم تعلمون) كأنه يقول عز وجل: اعلموا إن كنتم ذوي العلم أن هذا خير لكم.
ولهذا نجد أن الإنسان إذا ترك البيع عند الجمعة ثم عاد إلى البيع بعد أذان الجمعة أن الله يبارك له في بيعه ويوسع له، والعكس بالعكس.
وإلى هنا ينتهي الكلام عن هذه الآية، وسنعود في اللقاء القادم إلى تكملة السورة إن شاء الله تعالى.