Q فضيلة الشيخ! ما حكم رؤية الهلال وهل يكفي لثبوته شهادة رجل واحد؟ وما كيفية رؤيته؟
صلى الله عليه وسلم من هدي الصحابة رضي الله عنهم أنهم يتراءون الهلال ليلة الثلاثين من شعبان، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال -أي: صار بعضهم يريه بعضاً- فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام) فالسنة للناس أن يتراءوا هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، فإن رأوه صاموا، وإن لم يروه لغيم أو مطر؛ فإنهم يتمون شعبان ثلاثين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) .
ومن رآه فالواجب عليه أن يخبر أقرب محكمة إليه، ومعلوم أن الترائي للهلال يكون في مكان مرتفع، ويكون في مكان بعيد عن الأضواء؛ لأن الأضواء تحجب الرؤية، ولهذا يحجب ضوء الشمس رؤية الهلال، كذلك الأنوار التي في الأرض إذا كثرت وتسلطت على الأفق منعت الرؤيا، فيبعد الإنسان عن البلد وعن مكان الأضواء، ليكون ذلك أيسر لرؤيته، والعبرة برؤيته بعد غروب الشمس.
هنا مسألة: شهر رمضان يكفي في رؤيته رجل واحد أو امرأة، وغيره لابد فيه من رجلين، فيصوّم الناس واحد ولا يفطرهم إلا اثنان، ولكن لا بد أن يكون الرائي ثقة ثقة في دينه، ثقة في نظره، فإن لم يكن ثقة في دينه أو في نظره، فلا عبرة بشهادته؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] فلابد من العدالة، ولا بد من قوة البصر، فلو جاءنا رجل إذا مشى يقدم يده لئلا يضربه الجدار، ثم قال: أنا رأيت الهلال وهو رجل ثقة في دينه، قلنا: رأيته؟ قال: نعم.
قلنا: متأكد؟ قال: متأكد، فإذا الرجل لا يستطيع أن يهتدي إلى الطريق هل نقبل قوله؟ لا، لأنه فقد الشرط الثاني وهو قوة البصر، وذكر صاحب الفروع في كتابه: أن أحد القضاة جاءه رجل وقال: إني رأيت الهلال.
قال: هل معك أحد؟ قال: نعم لكن ما رآوه، فدعا الذين معه.
قال: هل رأيتم الهلال؟ قالوا: ما رأيناه، وهذا الرجل يقول: رأيت الهلال، وكان القاضي ذكياً، فقال: اذهب بنا إلى المكان الذي رأيت الهلال فيه لننظر إليه، فذهب بهم، فلما وقفوا أمام مغرب الشمس، قال له القاضي: هل ترى الهلال؟ قال: نعم رأيته، متأكد؟ قال: متأكد، تشهد؟ قال: أشهد، قال: باسم الله فمسح حاجبيه -مسح حاجب الرجل الذي يشهد- قال: الآن رأيت الهلال؟ قال: ما رأيته وإذا الذي رأى شعرة بيضاء في حاجبه، فلا بد من التثبت.