Q فضيلة الشيخ! تعرضتم للجهل العظيم، فهل نبهتم -وفقكم الله- على هذه الأمور التي يكثر فيها الجهل: الزحام لتقبيل الحجر، والتحلق على النساء في المطاف حتى إن بعضهم يستدبر الكعبة، والقراءة من كتاب المناسك لكل شوط دعاء، وعدم الاستفادة من أيام الحج الفاضلة واستغلالها فهي تذهب هدراً؟
صلى الله عليه وسلم نأخذها واحدة واحدة: المسألة الأولى: الزحام لتقبيل الحجر غير مشروع وغير مسنون، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لـ عمر: (إنك رجل قوي فلا تزاحم فتؤذي الضعيف) إن وجدت فرجة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر، والزحام يحصل به أذية على الطائف وعلى الآخرين، ويذهب عن القلب الخشوع الذي يراد للعبادة؛ لأنه يكون مشغولاً بنفسه، ولا يدري هل يستطيع الخروج أم يموت في الداخل، فلذلك نرى أنه ليس من السنة ولا من المطلوب أن تزاحم لتقبيل الحجر، والحمد لله يكفي عن التقبيل أن تشير إليه.
الثانية: التحلق على النساء في المطاف إذا كان هناك جماعة يطوفون ويتحلقون على النساء حتى إن بعضهم يمشي في الطواف وقد جعل الكعبة خلف ظهره والثاني جعل الكعبة أمام وجهه، كلا الرجلين لا يصح طوافهما، فلا بد أن يكون البيت عن يسارك وأنت تطوف، فلذلك يجب التنبه لهذا.
الثالثة: القراءة من الكتيبات التي توزع وكل شوط له دعاء معين، هذا بدعة بلا شك، وهو إشغال للمسلمين عما أتوا من أجله وهو دعاء الله عز وجل، فالإنسان عندما يقرأ كتيباً ربما لا يدري ما هو معناه، وهو كذلك، وسمع بعضهم وهو يقول: اللهم أغنني بجلالك عن جرامك، وهو يريد: بحلالك عن حرامك، لكن لا يدري، وسمع بعضهم يقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنتو الآخرة حسنة" وهو لا يدري، من أجل حرف العطف، وهذه بلية وهي صد المسلمين عند دعائهم الذي يريدونه هل من المعقول أن تقرأ دعاءً لا تدري ما معناه، أو أن تدعو الله بشيء في قلبك تريده من أمور الدنيا والدين؟ الأمر الثاني، يا أخي! ادع الله بما تريد، كل إنسان يريد حاجة الفقير يريد غنى، والمريض يريد صحة، والشاب يريد زوجة وهكذا، كل إنسان له غرض، وأما أن نقصر الناس على هذه الأدعية التي لا يعرفونها فهو منكر وبدعة، والعجيب أنهم إذا وصلوا إلى حد الحجر وبقي كلمة واحدة من الدعاء وقف، فلو قال: ربنا آتنا ووصل إلى الحجر لا يقول: في الدنيا حسنة، لماذا؛ لأنه انتهى الشوط، وربما يكمل الدعاء قبل تمام الشوط فيسكت، وهذا شيء نسمعه ونسمع به.
فوصيتي لكم -بارك الله فيكم- أن تنهوا عن هذه الكتيبات.
وبعضهم يقول: هذا مقام العائذ بك من النار، وهو موازٍ باب العمرة والمقام وراءه، وهذا لا يجوز، فأنتم انصحوا إخوانكم من باب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
الرابعة: عدم الاستفادة من أيام الحج الفاضلة واستغلالها، وهذا صحيح، فكثير من الناس يجعل الحج كأنه نزهة مزاح ولغو، ولا يستغل هذه الأيام الفاضلة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) وعلى رأسها يوم عرفة ويوم النحر: (قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) .
فاستغل هذه الأيام، لأنك لا تدري أتدركها بعد هذا العام أم لا، ولا تدري أيحصل لك المجيء إلى مكة بعد هذا العام أم لا.
وبهذه المناسبة أقول: في الحج ست وقفات، وأنتم تظنون أنه ليس في الحج إلا وقفة واحدة، بل فيه ست: وقفة على الصفا، ووقفة على المروة، ووقفة في عرفة، ووقفة في مزدلفة بعد الفجر، ووقفة عند رمي الجمرة الأولى في أيام التشريق، ووقفة عند رمي الجمرة الوسطى، فهذه ست وقفات، لكن بعضها طويل وبعضها قصير.