Q فضيلة الشيخ هل من كلمة توجهنا فيها لدعم إخواننا المظلومين في إقليم كوسوفا حيث أن هناك الهجمة الشرسة كالتي كانت في البوسنة من الصرب النصارى بل أشد، وخصوصاً مع هذا التعتيم على وضعهم وهذا التكالب من أعداء المسلمين والتلاعب فيهم، حتى لم نرهم يعملون شيئاً، وما هو حثكم للمسلمين في دعمهم؟
صلى الله عليه وسلم والله هذه المسائل لا شك أنها تؤلمنا، والله نتألم، الإنسان لو تصور -لا قدر الله- أن مدينة من مدن المملكة تسلط عليها أعداء شرسون، وأخرجوا النساء والأطفال وقتلوا الرجال الشيوخ فلن يصبر على هذا، ولتألم أو مات ألماً، ولا شك أن إخواننا المسلمين في كوسوفا يلحقهم مثل هذا كما نسمع في الأخبار على أن الأخبار معتمة، ولكن ما موقفنا؟ إننا لا نستطيع إلا الدعاء، أن ندعو الله لهم في الصلوات والخلوات، في آخر الليل، فيما بين الأذان والإقامة، في السجود أن ينصرهم الله وأن يخذل أعداءهم من الصرب.
وكذلك -أيضاً- يجب أن نعلم -أيها الإخوة- أن النصارى واليهود وسائر المشركين أعداء للمسلمين، كلهم أعداء للمسلمين، ومعلوم أن العدو لا يمكن أن يفرش الأرض وروداً لعدوه أبداً، بل يحب القضاء عليه بأسرع وقت، يقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال:73] ويقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة:51] ويقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة:1] ويقول تبارك وتعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89] ويقول تعالى: {وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة:2] ويقول تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109] هذه حقيقة يجب أن تكون في قلب كل مسلم، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتوحد الأديان أبداً، الدين واحد ما هو؟ الإسلام كما قال الله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3] وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:85] .
اليهود والنصارى على دين لكن بعد أن بعث الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نسخ الله به جميع الأديان، وهم لو كانوا صادقين بأنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر لاتبعوا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن هم الآن (اليهود) مكذبون لموسى وهم يدعون أنهم أتباعه، النصارى مكذبون لعيسى وهم يدعون أنهم أتباعه، قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} [البقرة:113] كل أمة تكفر أخرى، النصارى مكذبون لعيسى عليه السلام لأن عيسى قال لهم: {إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف:6] فلما جاءهم محمد: {قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:6] لم يقبلوا بشارة عيسى ولم يصدقوا به.
ثم إني أقول لكم -بارك الله فيكم-: من كذب رسولاً واحداً من الرسل فقد كذب الجميع، اسمعوا قول الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105] وهل بعث أحد قبل نوح؟ لا، ومع ذلك يقول الله عن قومه الذين كذبوه إنهم كذبوا المرسلين؛ لأن من كذب رسولاً من الرسل فقد كذب الجميع يجب أن نعرف هذا، وأنا أعلم الآن أن هناك أناساً يداهنون الكفار ويقولون: كلنا إبراهيميون، لأن اليهود يقولون: إبراهيم منا، والنصارى يقولون: إبراهيم منا.
فكذبهم الله فقال: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران:67] هؤلاء الذين يداهنون ويقولون: كلنا نؤمن بالله واليوم الآخر، كلنا إبراهيميون نقول: هذه مغالطة، لو كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر ما كذبوا الرسول عليه الصلاة والسلام.