ثم إن النكاح يترتب عليه نفقات من الزوج على الزوجة، فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته من حين أن يتسلمها، أي: من حين يدخل عليها، وهل ينفق عليها إنفاق غني أو إنفاق فقير أو وسط؟
صلى الله عليه وسلم حسب حاله، قال الله عز وجل: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7] فلو تزوجت غنية بفقير وقالت له: ائتني بذهب، ائتني بأفخر الثياب، أسكني بأحسن القصور.
فهل يلزمه ذلك أو لا يلزمه؟ الجواب: لا يلزمه.
ولو تزوجت فقيرة بغني وقالت: أعطني حلياً، هات لي اللباس.
فقال لها: أنت ابنة فقراء، أنت عند أهلك ليس لك اللباس الجميل ولا الحلي وتسكني في حفش بيت.
هل يوافق على هذا الكلام؟ لا، نقول: أنت أغناك الله، والله عز وجل قال: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق:7] .
إذا لم يقم الزوج بالإنفاق الواجب عليه فهل للمرأة أن تطالبه؟ الجواب: نعم، حقها، فإن قام بالواجب وإلا فلها فسخ النكاح؛ لأن الرجل فرط ولم يقم بالواجب عليه فلها أن تفسخ النكاح.
لو كانت المرأة لا تقوم بحق زوجها، وإن قامت قامت على مضض وكره وتثاقل، فهل له أن يحبس النفقة عنها؟ نعم، أعط وخذ، ولذلك إذا كان الزوج لا ينفق عليها فلها أن تمنعه حتى من الفراش: {جَزَاءً وِفَاقاً} [النبأ:26] إن قام بحقها وجب أن تقوم بحقه وإن لم يقم بحقها لم يجب، وهي إن قامت بحقه وجب أن يقوم بحقها وإن لم تقم بحقه لم يجب عليه أن يقوم بحقها، حق متبادل.
يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يهين المرأة إلى أبعد الحدود، لا يتكلم معها ولا يلقي لها بالاً، وهي عنده كخادم من أسوأ الخدم، وهذا والله لا يجوز أبداً، ألم تعلموا أن نبيكم محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) .
ألم تعلموا أنه كان يسابق زوجاته يجاريهن في المشي؛ كما سابق عائشة رضي الله عنها؟ كل ذلك من حسن خلقه، وتأمل قوله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) أي: فتأسوا بي.
فالواجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، يقوم الزوج بحق زوجته والزوجة بحق زوجها حتى تكون الحياة بينهما سعيدة، أما إذا كانا في نزاع وخصام فإن الحياة ستكون جحيماً -والعياذ بالله- وسيؤثر ذلك على أولادهما إن كان لهما أولاد.
ونرجو الله تعالى أن يكون فيما حصل من الذكرى كفاية، ونسأل الله تعالى أن يكثر تزويج بناتنا وأبنائنا، وأن يخفف المهور، وأن يخفف القصور إنه على كل شيء قدير.