مما يهتم به في باب النكاح: عكس النكاح وهو الطلاق، إذا كان النكاح مرغباً فيه فالطلاق يكون بالعكس، لأن النكاح جمع والطلاق تفريق؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يطلق إلا في حال لا يمكن الصبر معها، وإلا فما دام يمكن الصبر فليصبر، يقول الله تبارك وتعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] لا تطلق إلا عند الحاجة الملحة، اصبر، قد يقول الإنسان: كيف أصبر على امرأة تعصيني ولا تطيعني؟ نقول: اصبر، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -يعني: لا يكرهها وينفر منها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) إذا كره خلقاً ينظر إلى الخلق الآخر الذي يرضى به فيقابل بين هذا وهذا ويحصل الرضا.
إن بعض الحمقى من الناس يطلق على أسهل سبب، لو دخل إلى بيته وهو يظن أن المرأة قد صنعت الشاي ولم يجد الشاي قد جهز تجده أحمق: إلى هذا الحين ما جهزت الشاي؟ أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وهذا واقع يا إخواني، نحن لا نقول عن فراغ، هذا واقع.
كذلك بعض الناس إذا نزل به ضيف وأراد أن يكرمه، يريد الضيف أن يرأف به ويرحمه فيقول: إياك أن تذبح شيئاً، علي الطلاق ما تذبح، سبحان الله! المرأة سهلة حتى تطلقها لأجل أن يذبح لك أو ما يذبح؟! وأنكى من ذلك أنه إذا قال: علي الطلاق ما تذبح قال الثاني: علي الطلاق لأذبحن فمن تبقى غير المطلقة؟ وكل هذا من الحمق ومن تعدي حدود الله عز وجل، اسمع الله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] وتأمل يا أخي كيف وجه الخطاب للنبي والمراد الأمة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق:1] اضبطوها تماماً: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} [الطلاق:1] إذاً لا تسرع في الطلاق، ولذلك يحرم على الإنسان أن يطلق المرأة التي تحيض وهي حائض أو في طهر جامعها فيه، يحرم عليه ذلك سواء علم أم لم يعلم، مثاله: رجل قال لزوجته: أنت طالق، وهي حائض، نقول: هذا حرام عليك، وقد علم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض فتغيض عليه الصلاة والسلام وقال لـ عمر: (مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق) .