الصنف الرابع من الناس: من يخرج في الدعوة إلى الله وهذا طيب، هذا نوع من الجهاد في سبيل الله؛ لأن الجهاد نوعان: 1- جهاد بالسلاح.
2- جهاد بالعلم.
وكلاهما قرينان، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122] أي: وبقيت طائفة ماذا تصنع؟ {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة:122] فبين الله أن المؤمنين لا يمكن أن يكونوا كلهم للجهاد، تكون طائفة في الجهاد وطائفة تبقى في المدينة مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) فجعل الله طلب العلم عديلاً للجهاد في سبيل الله، ما أحسن أن يخرج أناس من طلبة العلم وأريد بطلبة العلم الذين عندهم علم وقدرة على البيان، لا نكتفي بإنسان عنده قدرة على البيان لكن ليس عنده علم.
بعض الناس يستطيع أن يتكلم ويعظ ويؤثر ولكن ليس عنده علم، وهذا يؤثر على القلوب في الوقت الحاضر وينفع ولكن نفعه قليل، لو أن هذا الذي عنده بيان وفصاحة وتأثير ولكن ليس عنده علم، لو قام أحد يسأله أو يعارضه في مقال لم يستطع التخلص، وحينئذ تنقلب المنفعة مضرة والمصلحة مفسدة، ولذلك أحث إخواني الذين عندهم علم إذا تمكنوا من أن يذهبوا يميناً أو شمالاً أو شرقاً أو غرباً للموعظة والدعوة إلى الله كان في هذا خير كثير، وما أكثر الذين يلحون من الشمال ومن الجنوب ومن الشرق ومن الغرب يلحون علينا بطلب إرسال من يعظهم ويحاضر عندهم وينفعهم.