الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الشهري الذي يتم في مساء السبت الثالث من كل شهر، وهذا السبت هو العشرون من شهر محرم عام تسعة عشر وأربعمائة وألف.
نتكلم في هذا اللقاء على أشياء يتهاون بها الناس، ولكنها مهمة جداً، فمنها ما يتعلق بالصلاة.
فإن كثيراً من الناس يتهاونون في الطهارة، ولا يبالي أتوضأ على الوجه المشروع أم لم يتوضأ، ولا يبالي أطهر ثوبه وبدنه وبقعته من النجاسة أم لم يطهر، ولا يبالي أصلى صلاةً يطمئن فيها ويأتي فيها بما يجب من قراءة وذكر أم لم يفعل.
أما الطهارة فإنه لا شك أنه من شروط الصلاة التي لا تصح إلا بها: أن يتوضأ الإنسان من الحدث الأصغر وأن يغتسل من الحدث الأكبر، دليل ذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] هذا الوضوء، وأما الغسل فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] يعني: طهروا جميع البدن.
ثم إن الله عز وجل خفف على العباد في ما إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتوضأ أو يغتسل بالماء إما لمرض، وإما لفقد الماء، رخص للعباد أن يتيمموا، وذلك بأن يضربوا الأرض بأيديهم ويمسحوا بها وجوههم وأكفهم، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْه} [المائدة:6] .
ومن الناس من يتهاون في الطهارة من النجاسة، تجد الرجل يبول ثم يقوم من بوله دون أن يستقصي في تطهيره، أما في الماء فتطهيره سهل يغسل الإنسان رأس الذكر حتى يغلب على ظنه أنه تطهر، وهذا سهل، لا تظن أن الأمر صعب، فلو أن نقطة بول وقعت على أرض ملساء وصببت عليها الماء، فإن هذا البول سيجري في أول دفعة من الماء أو قل في ثاني دفعة.
كذلك البول على رأس الذكر لا يحتاج إلى كبير عناء، ربما في ثلاث مرات أو أربع مرات يغلب على ظنك أن المحل نظف، أما ما يفعله بعض الناس من كونه يتزحر ويتكلف ويتشدد حتى يخرج آخر بوله، فهذا غلط؛ لأن هذا مما يسبب سلس البول في الإنسان.
وكذلك بعض الناس تجده يمسح قناة الذكر من أصلها إلى رأس الذكر بحجة أنه يريد أن يخرج البول الباقي في القناة، وهذا غلط أيضاً لا الأول ولا الثاني، كلاهما من البدع ومن التعمق في دين الله عز وجل، وما أكثر الذين يبتلون بالوسواس أو سلسل البول إذا فعلوا مثل هذا الفعل.
الأمر سهل، إذا غلب على ظنك أنك طهرت رأس الذكر من البول انتهى الأمر فلا حاجة إلى أن تعصره ولا أن تتحمل في إخراج ما بقي.