الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا في هذه الليلة ليلة السابع عشر من شهر ذي القعدة عام ثمانية عشر وأربعمائة وألف نلتقي بإخواننا كجاري العادة في اللقاءات الشهرية التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها وينفع كل من بلغته من الناس.
وبما أن شهر ذي الحجة قد قرب والمسملون يتهيئون إلى الحج إلى بيت الله الحرام رأيت من المناسب أن يكون لقاؤنا هذه الليلة حول هذين الموضوعين: الموضوع الأول: عشر ذي الحجة.
هذه العشر قال فيها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) وبناءً على هذا الحديث الشريف: ينبغي لنا أن نجتهد في الأعمال الصالحة في هذه الأيام العشر من الصيام والذكر وقراءة القرآن، وكثرة الصلاة والصدقة والإحسان إلى الخلق، وغير ذلك مما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، فإن العمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من العمل الصالح في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمم تعميماً مؤكداً بمن فقال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) .
وينبغي لطلاب العلم أن يبثوا الوعي بين الناس في فضائل هذه الأيام العشر؛ لأن الناس عنها غافلون، وبفضلها جاهلون، فيحتاجون إلى التذكير وإلى المعرفة والعلم، وآكد أيامها في الصيام يوم عرفة، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) .
وأما ما يفعله بعض الناس من تخصيص السابع والثامن والتاسع بالصوم ظناً منهم أن لذلك مزية، فهذا غلط، لكن من كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وصام السابع والثامن والتاسع عن الأيام التي كان يعتادها فلا بأس، أما أن يقول: إنه من السنة صوم السابع والثامن والتاسع، فهذا لا أصل له، فبالنسبة للعشر إما يوم عرفة فقط وإما العشر كلها، أما من كان من عادته أن يصوم ثلاثة أيام من الشهر وجعل السابع والثامن والتاسع هي الأيام فلا حرج عليه.