إنسان حديث عهد بالزواج، وأتى أهله في آخر الليل ظناً منه أن الليل باق، وإذا بالإقامة تقام فما تقولون؟ هل عليه شيء؟
صلى الله عليه وسلم لا.
ما عليه شيء، لا إثم، ولا كفارة، ولا قضاء؛ لأن الله تعالى قال: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:187] أي: النساء {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:187] فالثلاثة كلها سواء: مباشرة النساء والأكل والشرب، ولا دليل على التفريق بينها، كلها من محظورات الصيام، وإذا وقعت على وجه الجهل أو النسيان فلا شيء.
هذا الرجل الذي هو حديث عهد بعرس يقول: إنه يعلم أنه حرام، لكن لا يدري أن عليه هذه الكفارة المغلظة، ولو علم أن عليه هذه الكفارة المغلظة ما فعل -والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت- وهو يعلم أنه حرام لكن لم يعلم أن عليه هذه الكفارة، ولو علم ما فعل، فهل نلزمه بالكفارة أو لا؟ الجواب: نعم.
نلزمه بالكفارة، ولدينا على ذلك دليل وتعليل، الدليل: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: (يا رسول الله! هلكت هلكت، قال: ما الذي أهلكك؟ قال: أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم) الرجل يعلم أنه حرام ولهذا قال: إنه هلك، قال: (أتيت أهلي في رمضان وأنا صائم، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اعتق رقبة، قال: لا أجد.
قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أستطيع.
قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد) كم الخصال الآن؟ الخصال ثلاث، عتق، فإن لم يجد فصيام، فإن لم يستطع فإطعام، لكن ما عنده شيء (فبينما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جالس إذ جيء إليه بزنبيل فيه تمر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذا الرجل: خذ هذا فتصدق به قال: يا رسول الله! أعلى أفقر منا؟ والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا) سبحان الله! رجل قد أتى خائفاً هالكاً وطمع هذا الطمع، قال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أطعمه أهلك) فرجع إلى زوجته بتمر يكفيهم إلى ما شاء الله.
فلم يعذره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بجهله في وجوب الكفارة؛ لأنه عالم.
التعليل: هو أن هذا الذي يعلم التحريم قد انتهك حرمة الزمن وحرمة الصيام فلا عذر له؛ لأنه انتهك الحرمة.