أما حكم الصلاة - أعني صلاة الكسوف - فإن أكثر العلماء على أنها سنة، ولكن الصحيح أنها واجبة إما على الكفاية وإما على الأعيان.
على الكفاية بمعنى: أنه إذا قام بها بعض أهل البلد حصل المقصود، أو على الأعيان بمعنى: أنه يجب على كل واحد أن يصلي صلاة الكسوف، ولكن الأرجح أنها واجبة على الكفاية، وأنه لا يمكن لأهل البلد ألا يقيموا صلاة الكسوف، فإن فعلوا فهم آثمون.
الدليل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فزع للكسوف فزعاً عظيماً، وخرج مسرعاً حتى إنهم لحقوه بردائه عليه الصلاة والسلام، ووضعوه على كتفه وجعل يجر رداءه من هول الفزع، وأتى إلى المسجد وأمر منادياً أن ينادي "الصلاة جامعة" واجتمع الناس، وكان يوماً حاراً، اجتمعوا وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً غريبة، لا نظير لها في الصلوات، وشاهد في هذه الصلاة ما لم يكن يعلمه من قبل، ورأى الجنة ورأى النار، ورأى ما توعد به هذه الأمة، وكشف له عن عذاب القبر حصل أمور عظيمة جداً جداً!! مما يدل على أهميتها، وأنها لها شأن عظيم، لا يمكن أن يبلغنا ما حصل من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم نقول: هي سنة من شاء صلى ومن شاء لم يصل، أبداً.
ثم أمر بالفزع إلى الصلاة، وبالذكر، والدعاء والتكبير، والاستغفار، والصدقة والعتق، كل هذا وقع من الرسول عليه الصلاة والسلام، فصلاة احتفت بها هذه القرائن العظيمة لا يمكن أن نقول: إنها سنة بل هي فرض كفاية.
إذاً: صلاة الكسوف فرض كفاية، ومعنى فرض الكفاية: أنه يجب على أهل البلد أن يصلوا، وإذا حصل العدد الذي يكفي في إقامة الصلاة فإنها تسقط عن الباقين، أما أن يدعها أهل البلد ويأتي الكسوف ويمر وكأنه سحاب مر على الأفق فهذا لا يمكن أن يقع.