والحاصل أن الأحكام كثيرة ويطول بنا الشرح، لكن أهم شيء أحب أن أنبه عليه: هو أنه يجب على الإنسان أن يتقي الله في زوجته، وأن يعاشرها معاشرة بالمعروف، وأن يعلم أنها ستكون خصمه يوم القيامة إذا فرط فيما يجب عليه لها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في حجة الوداع وهو يخطب في الناس في أعظم مجمع قال: (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله) .
فيجب على الإنسان أن يكون خير الناس لأهله بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) .
وعليه أن يأخذ ما تسهل من أخلاقها ويتسامح في الباقي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -أي: لا يبغضها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) فأشار إلى المعادلة، لا تكن كالمرأة إذا رأيت إساءة واحدة قلت: ما رأيت خيراً قط.
كن رجلاً، حازماً، صبوراً، خذ ما عفا من أخلاقها وتجاوز عما لا ينبغي، ولقد أشار الله تبارك وتعالى إلى هذه المسألة فقال: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء:19] لا تتعجل، اصبر، ربما تكرهها اليوم وتحبها غداً، ربما تسيء إليك اليوم وتحسن إليك غداً، اصبر.
ثم إننا في وقتنا الحاضر هل النساء يتيسرن بكل طريق؟ لا، فاضبط نفسك، وشدد عليها، وتحمل، ولا تتسرع في الطلاق، إنه من المؤسف أنه إذا دخل بعض الناس الجهال على أهله وقال: أين الشاي؟ فقالت: انتهى الغاز، ولم أتمكن من صنعه.
ألم تعلموا أن بعض الناس يغضب ويقول: أنت طالق؟! مع أن الخطأ قد يكون منه هو أو ليس منه، لكن ليس منها.
وبعض الناس -أيضاً- إذا دخل عليه رجل عزيز عليه فأخذ السكين ليذبح الشاة، فقال له صاحبه الضيف: لا نحتاج إلى ذبح فأنا وأنت سواء، البيت واحد، وكلنا إخوان.
قال: عليه الطلاق أن يذبح الشاة.
هل هو محدود على هذا الشيء؟ لا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) .
ثم حتى الحلف لا ينبغي إطلاقاً لأنك تحرج صاحبك أو يحرجك، صحيح اعرض عليه الضيافة، وصمم عليه خصوصاً إذا عرفت أنه مستحي، أما أن تحلف أو تأتي بالطلاق فهذا سفه، يا أخي عامل الناس بالسهولة، ما أحسن أن يقول الإنسان: يا فلان أريدك أن تتغدى عندي! قال: لا والله عندي شغل.
فتقول: الله يساعدك، اذهب.
نزل ضيف عليك أردت أن تكرمه بشيء زائد قال: ما يحتاج.
تقول: أجل أنا آتيك كما تريد.
فهذه هي الأخلاق، وهذه هي السهولة، أما التصعب فهذا لا ينبغي إطلاقاً.
والخلاصة الآن: الطلاق لا ينبغي للإنسان أن يقدم عليه، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلينظر هل المرأة حامل أم لا، إن كانت حاملاً فإنه يقع الطلاق، وإن كانت حائضاً فلا يطلق، بل ينتظر حتى تطهر ثم إذا طهرت إن شاء طلق قبل أن يجامع وإن شاء أبقاها.
إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، فله أن يطلق؛ لأنه من حين أن يطلق تبدأ بالعدة.
إذا كان في طهر جامعها فيه فإنه لا يطلق لماذا؟ لأنه يحتمل أنها نشأت بحمل من هذا الوطء فتكون عدتها بوضع الحمل، ويحتمل أنها لم تنشأ فتكون عدتها بالحيض، فهي الآن مترددة فلا يجوز أن يطلقها على هذه الحال، لكننا استثنينا مسألة: وهي إذا كانت المرأة ممن لا يحيض فهذه يطلقها متى شاء، أو كانت المرأة لم يدخل بها فليطلقها ولو كانت في حيض لأنه ليس عليها عدة.
نكتفي بهذا القدر لنتفرغ للأسئلة، نسأل الله أن يوفقنا للصواب، وأن يثيبنا وإياكم على هذا اللقاء، وأن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً.