ويبقى النظر: هل تصرف الزكاة للأقارب؟ هل تصرف للزوج؟ هل تصرف للزوجة؟ إذا كانوا مستحقين.
صلى الله عليه وسلم على القول الراجح نعم تصرف؛ لكن لا تصرف في شيء يجب على المزكي أن يقوم به، فمثلاً: إنسان له ولد منعزل عنه في بيته، والولد فقير هو وزوجته وأولاده، وأبوه عنده زكاة، هل يجوز للأب أن يعطي زكاته لهذا الابن؟ الجواب: لا نقول: لا، ولا نقول: نعم.
ولكن ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكن أن ينفق منه على ولده الذي خرج عنه فهنا لا يجوز أن يعطيه الزكاة، وإنما ينفق عليه من ماله رغماً عن أنفه، حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجوز في هذه الحالة أن يطالب الولد أباه عند القاضي حتى يلزمه القاضي بالنفقة؛ لأن هذا حق واجب لله عز وجل، ليس الولد هو الذي أوجبه كالدين مثلاً، فالولد لا يطالب أباه بالدين، لكن يطالب أباه بالنفقة، وهذا لحفظ النفس ولحق الله.
أرجو الانتباه الآن، هذا رجل له ولد فقير منعزل عن بيته، في بيت وحده هل يعطيه من الزكاة؟ ينظر إذا كان مال الأب واسعاً يمكنه أن ينفق على ولده، فحرام أن يعطيه من الزكاة ووجب عليه أن ينفق على ولده، أما إذا كان مال الأب قليلاً ففي هذه الحال يجوز أن يعطي ولده من الزكاة.
لكن لو كان هناك إنسان له ولد في بيته، وحصل من الولد حادث وتلفت به سيارة شخص آخر، وقدرت هذه السيارة بعشرين ألفاً، هل يجوز للأب أن يدفع هذه الغرامة عن ابنه الذي في بيته؟ الجواب: يجوز أن يدفع؛ لأن الأب لا يلزمه أن يدفع الغرامات عن ابنه، أما النفقة فيلزمه، لكن دفع الغرامات عن ابنه لا يلزم، ولهذا يجوز للأب في هذه الحال أن يقضي دين ابنه من زكاته، والعلة: لقول الله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة:60] وهذا الابن من الغارمين، والأب لا يلزمه قضاء دين ابنه وكذلك بالعكس: لو كان الإنسان له أب عليه دين، والأب لا يستطيع أن يوفي، فهل يجوز لابنه الغني الذي عنده مال كثير، أن يقضي دين أبيه من زكاته؟ الجواب: نعم يجوز، لكن هل يجوز أن ينفق على أبيه من زكاته؟ الجواب: لا؛ لأن الإنفاق واجب على الابن، لكن قضاء الدين لا يجب على الابن، وحينئذٍ نقول: اقض دين أبيك من زكاتك ولا حرج.
والخلاصة: أن الإنسان إذا كان دفع الزكاة يسقط واجباً عليه لم يجزئ، وإذا كان لا يسقط واجباً أجزأه.
أرأيتم لو أن إنساناً نزل به ضيف، وعنده زكاة تمر، فقال: أخرجها لهذا الضيف بدلاً من أن أبحث عن فقير نقول: هذا لا يجوز؛ لأنه يسقط عن نفسه واجباً عليه وهي الضيافة، فاعرفوا هذا الضابط.