وقد قَرَّرَ سيبويه أن مخارج اللغة العربية خمسة عشر مخرجًا, ومعنى ذلك أن كل مخرج من هذه "يفهم" في مقابل أربعة عشر مخرجًا آخر, وكونه "يفهم" معناه أنه في مقابلته لغيره من المخارج يحمل جرثومة سلبية من المعنى باعتباره قيمة خلافية يتميز بها الحرف من غيره, أي: يختلف بها عن غيره من حيث المعنى الوظيفي, أي: من حيث يصلح أن يكون مقابلًا استبداليًّا له. وإذا تصورنا النظام الصوتي للغة في صورة جدول كالذي نظمنا به عمل سيبويه من قبل, فسنجد أن مجموع القيم الخلافية المتصلة بالمخارج تمثل البعد الرأسي من أبعاد هذا الجدول, وفي الوقت نفسه نجد الشدة والرخاوة ونحوهما من طرق النطق تمثل مجموعة من القيم الخلافية تفهم كل واحدة منها في مقابل مجموع الأخريات, وبهذا تعطى قسطًا سلبيًّا من المعنى على نحو ما سبق شرحه, ومثل ذلك يقال عن الجهر في مقابل الهمس, وعن التفخيم في مقابل الترقيق.

وهذه الصفات جميعًا تمثل البعد الأفقي للنظام الصوتي حين يوضع في جدول كالذي سبق لنا أن رأيناه ونظّمنا به عمل سيبويه, فجدول لحروف إذا يعتبر إيضاحًا مناسبًا للعلاقات التي تفرق بين كل حرف وكل حرف آخر في نظام اللغة, وهذا التفريق بواسطة القيم الخلافية من حيث المخارج أو من حيث الصفات هو أهمّ ما تحرص عليه اللغة لتصل به إلى أمن اللبس.

وملخّص ما سبق أن النظام الصوتي للغة يقسم الأصوات اللغوية إلى حروف phonemes بوساطة اعتبار القيم الخلافية للوظائف, أي: المعاني التي ترصد للأصوات في استعمالها في الألفاظ التي تتحقق بها الكلمات, وبوساطة التقسيمات العضوية والصوتية التي تعتبر حقلًا آخر من حقول هذه القيم الخلافية, ويعتبر الحرف مقابلًا استبداليًّا لكل حرف يمكن أن يحل محله, فيحمل بذلك جرثومة سلبية من المعنى الوظيفي, وهكذا نجد القيم الخلافية من أهم مقومات التنظيم الصوتي في اللغة, وتحرص اللغة على مراعاتها محافظة على وضوح المعنى.

وفيما يلي جدول يشرح النظام الصوتي للغة العربية الفصحى يوضح ما بين كل حرف وكل حرف آخر من قيم خلافية يمتاز بها كل منهما في إطار النظام الصوتي كما يقوم في وقتنا الحاضر لدى قراء القرآن في مصر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015