خامسًا: أن يتوخَّى المعجم تحديد ضمائم الكلمة طبقًا للوجه الأول من وجهي فهمنا للتضام1 وهو الذي أطلقنا عليه "التوارد", والوجه الآخر وهو "التلازم", وقد أشرنا إليهما في دراسة النظام النحوي.
وينبغي هنا أن يشير المعجم إلى تغيّر المعنى مع كل ضميمة تتوارد مع الكلمة أو تتلازم معها, فيقول في الحالة الأولى مثلًا: صاحب الدار مالكها, وصاحب رسول الله رفيقة, وصاحب الفضيلة المثقّف في الشريعة الإسلامية, وصاحب الجلالة الملك, وصاحب المعالي الوزير, وصاحبي صديقي, وهلم جرا. ذلك هو المراد بالتوارد الذي هو أحد وجهي التضام, ويقول في الحالة الثانية وهي حالة التلازم: رغب فيه طلبه, وعنه كرهه, وإليه استعانه, وهكذا. ومن قبيل التضام ما يساق من أمثلة التعبيرات المشكوكة مثل: يضرب أخماسًا في أسداس, ويلقي الحبل على الغارب, ويضع الأمور في نصابها, وغير ذلك من العبارات التي تنوسي فيها ما كان لها من المعنى البياني حتى أصبحت كالأمثال لا تحتمل التغيير, ومن هنا جاء وصفها "بالمسكوكة". وإنما ينبغي ذكر الضمائم هنا؛ لأن الاكتفاء بذكر الكلمة دون ضمائمها لا يصل بالمعجم إلى غايته المنشودة, ويضيف إلى ما في المعجم من عموم المعنى وتعدده واحتماله عنصرًا آخر سلبيًّا جديدًا خطيرًا هو "اللبس".
جـ- والذي لا أملّ من تكراره في هذا المقام أن المعنى المعجمي متعدد ومحتمل, وهذا هو وجه الشبه من جهة بينه وبين المعنى الوظيفي للعناصر التحليلية, ووجه الاختلاف من جهة أخرى بين هذين المعنيين والمعنى الدلالي للسياق. ومما أود أن أشير إليه ههنا أن المعجم ينتفع بنتائج المستويات التحليلية التي سبقت, وهي النظام الصوتي والنظام الصرفي والنظام النحوي, وهي النظم المسئولة عن تحديد المعنى الوظيفي, أي: إن المعنى المعجمي يستعين بالمعنى الوظيفي. وقد رأينا كيف توقعنا للمعجم أن يحدد طريقة النطق وطريقة الهجاء والمبنى الصرفي, كما يرتبط شرح المعنى المعجمي في تحديد ضمائم الكلمة وسوق شواهدها بضرورة إيراد بعض الإشارات النحوية.