كما بينا بالنسبة للنون" رمزًا كتابيًّا واحدًا مستقلًّا، وهذه الغاية المنشودة لم تصل إليها لغة من لغات العالم حتى الآن, ولم يصل إليها نظام الإملاء العربي كذلك, ومن شاء أن يعرف تفصيل ذلك فليرجع إلى كتابي "اللغة بين المعيارية والوصفية". ولكننا نستطيع أن نضرب المثل هنا بالحروف التي لا تنطق كالواو التي في "عمرو", والحروف التي لا تكتب كواو المد في "داود", والحروف التي تنطق ويكتب رمز غيرها من الحروف كالألف في "رمى" وهلم جرّا. ولهذا السبب أصبح من المحتمل للكلمة العربية كما يمثلها نظام الإملاء أن تكون عرضة للخطأ في النطق, ومن ثَمَّ يتوقع طالب المعجم حين يكشف عن معنى الكلمة أن يبدأ المعجم بأن يحدد له طريقة نطقها ما دام النظام الإملائي لا يصل إلى هذه الغاية. وفي لغات العالم الحية معاجم خاصة لنطق الكلمات؛ كالمعجم الذي وضعه دانيال جونز لنطق كلمات اللغة الإنجليزية, وأطلق عليه اسم: صلى الله عليه وسلمnglish Pronouncing عز وجلictionary ولعل الصلة الشديدة الانفكاك بين الهجاء الإنجليزي ونطق الكلمات في تلك اللغة يبرر وضع معجم خاص لنطق كلماتها. أما الطريقة التي درجت عليها المعاجم العربية للوصول إلى هذه الغاية "إيضاح طريقة النطق" فهي أن تصف حركات الكلمة ومدها وإعجام الحروف أو إهمالها, فتقول مثلًا في كلمة "تبعة" بفتح فكسر ففتح, أو تقول عند خوف اللبس المطبعي: بالتاء الفوقية المثناة فالباء التحتية فالعين المهملة, ومن ذلك أيضًا ألّا تفصل القول في حركاتها وحروفها, وإنما تلجأ إلى قياس هذه الكلمة على كلمة أخرى أشهر منها في الاستعمال, فتجعل الكلمة الشهيرة كالميزان الصرفي للكلمة المشروحة فتقول مثلًا: "ردح البيت كمنع" فيعرف أن هذا الفعل من باب فعل يفعل -بفتح العين- في الصغتين, فيفيد القارئ من ذلك من جهة النطق -وربما الصرف كذلك- في الوقت نفسه.

2- الهجاء: وما دامت الأنظمة الإملائية لا تتطابق مع النطق بالضرورة ولا سيما حين تراعى اعتبارات أخرى بعضها تاريخي وبعضها لغوي "صوتي أو صرفي أو نحوي" وهلمَّ جرا, فلا بُدَّ أن يكون هجاء الكلمات غير متَّسم أحيانًا بالاطراد التام, ولا بُدَّ أن يختلف أساس هجاء كلمتين قد يبدو لأول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015