كما عرفنا في تقسيم الجمل: الجانب التعاملي والجانب الإفصاحي, وأولهما أقرب إلى الاستعمال الموضوعي للغة, وثانيهما أقرب إلى الجانب الذاتي. وهذا الجانب الإفصاحي يغلب عليه الطابع التأثري exclamatory, ومن أمثلته التعجب والمدح والذم وخوالف الإخالة وخوالف الأصوات, وكل هذه تتحقق غالبًا في صورة صيحات انفعالية تأثرية. وقد يكون المتكلم بهذه اللغة الإفصاحية في مقام يتطلب منه أن يغير وظيفة الجملة من التعامل إلى الإفصاح؛ كالذي يحدث من المعلقين على مباريات كرة القدم, فبدل أن يصيح باللفظ الإفصاحي "هيه" كما يصيح أيّ متفرج يحرص على أن يستمر في الجملة الإخبارية التعاملية التي كان يقولها, ولكنه يغير وظيفتها إلى الإفصاح, وتعطيها نغمة فقط "هيه" عندما يرى الكرة دخلت فعلًا إلى منطقة الهدف وهو لم يكمل الجملة. وقد يقول: "جول" بنغمة "هيه" فيخبر ويفصح في الوقت نفسه. وهذا حل صوتي لمشكلة من مشكلات النظام عند تطبيقه, ويعارضه أثناء التطبيق مع مطالب السياق. والمعلق ينقل رسالتين بهذه الطريقة إلى السامعين أولاهما الإخبار عن النتيجة "وللإخبار نغمة خاصة في نظام التنغيم", وذلك بواسطة جملة خبرية التركيب, وثانيتهما نقل الانفعال باعتباره دعوة إلى الجمهور للمشاركة فيه, وذلك بواسطة إعطاء التركيب الخبري المذكور نغمة إفصاحية تأثرية كنغمة صيحات المشجعين في مدرج الملعب.
ومن هذا القبيل ما يحدث من أن يحي المرء شخصا يكرهه هو ويود أن لو اختفى عن ناظره فيحتفظ بالعبارة العرفية للتحية ولكنه يغيروا وظيفتها ويحملها من نغمة الكراهية وتعبيرات الملامح التي تصاحبها ما يجعل التنغيم هنا ظاهرة سياقية, وذلك كان يجعل المتكلم شفتيه على صورتهما التي ينطقان بها "الكسرة", ويضيق عينيه ويقلص ما بين حاجبيه حين ينطق التحية بنغمة الكراهية قائلًا: "كيف حالك يا عزيزي".
2- من المواطن التي يصير فيها التنغيم ظاهرة موقعية في السياق أن يعمد المتكلم إلى التظاهر بأمر هو عكس ما يتطلب الموقف من تنغيم كأن يقص