"أو المد", والميم وأما الجزء الإيجابي من معناها فهو وظيفتها التي تؤديها في إطار اللغة من كونها للنفي والمعاني الأخرى, فالاختلاف في الكمية إذًا يعتبر في قوة مفهوم المخالفة الذي قال به الشافعية وذكرناه في المقدمة.
ومما يتصل بالكمية ما يلاحظ في الكلمات المنتهية بألف أو واو أو ياء, وتتلوها كلمات مبدوءة بالساكن على نحو ما سبق في ظاهرة التوصل, وذلك نحو: "الفتى العربي" و"القاضي الفاضل" و"يدعو الله" فالألف في المثال الأول تفقد كميتها وتصبح من ناحية المدة في طول الفتحة, والياء في المثال الثاني تفقد الكمية وتصبح في طول الكسرة, والواو في المثال الثالث تفقد طولها وتصبح في مقدار الضمة. ولقد كان النحاة يلاحظون هذه الظاهرة ويعتبرونها جزءًا من ظاهرة التخلص من التقاء الساكنين ويقولون: إن الألف والواو والياء تحذف للتخلص من التقاء الساكنين, وكأنهم أرادوا القول بأن الحركة الباقية بعد حذف الحروف الثلاثة هي حركة دليل على المحذوف. ولكن الذي يبدو أسلم منهجيًّا في رأيي هو النظر إلى الأمر كله في إطار دراسة ظاهرة الكمية باعتبارها شديدة الصلة بالموقع وبالنبر, ثم بالمعنى في النهاية.
وينبغي أن يكون واضحًا تمامًا أن هناك فرقًا عظيمًا جدًّا بين كمية الحرف وبين المدة التي يستغرقها نطق الصوت, والكمية جزء من النمطية اللغوية فهي جزء من النظام, والمدة هي الوقت الذي يستغرقه النطق فهي جزء من تحليل الكلام. والكمية مقابلات وقيم خلافية, ولكن المدة تقاس بالثواني والوحدات الزمنية الأكبر من الثواني, والكمية هي الطول والقصر النسبيين غير المرتبطين بمقاييس الزمان الفلسفي, أما المدة فمرتبطة بالزمان الفلسفي, وأخيرًا قد يكون الحرف مفردًا "أي: قصير الكمية", ولكن مدة نطقه تكون أطول من المشدد "أي: الطويل الكمية" في بعض المواقع, قارن بمدة نطق الكافين في كلمة "شكاك" أي كثير الشك, فمدة المفردة أطول.