وبالتأمل في هذا التوزيع الشامل لإمكانات تجاور أنواع المخارج "لأن مادة البحث هنا أنواع المخارج أي: مجموعاتها الثلاث لا المخارج المفردة ولا الحروف" يمكن أن نستنبط الحقائق الآتية:

1- إن فكرة تقارب المخارج وتباعدها هي فعلًا أساس هذه الظاهرة في اللغة العربية الفصحى "ظاهرة التأليف" فبحسبها تتجاور الحروف في الكلمة أو لا تتجاور, وهذه الظاهرة هي التي استعان بها القدماء من نقّاد الأدب في الكشف عمَّا سموه "التنافر اللفظي", وعلى أساسها بنوا نقدهم لكلمة "مستشزرات" التي وردت في معلقة امرئ القيس, ولعبارة "وليس قرب قبر حرب قبر". ومرجع كل ذلك كما ذكرنا إنما هو إلى الذوق العربي الذي يتجه إلى ما اصطلحنا على تسميته "كراهية التضاد أو التنافر".

2- إن عبارة ابن دريد القائلة: "إذا تباعدت مخارج الحروف حسن تأليفها" أكثر صدقًا وأقل تورطًا من قوله: "اعلم أن الحروف إذا تقاربت مخارجها كانت أثقل على اللسان منها إذا تباعدت" لأن العبارة الأولى لم تتورط كما فعلت العبارة الثانية في ادِّعَاء ثقل الكلمات المؤلفة من حروف متقاربة تقاربًا لا تنافر فيه مثل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015