1- قرائن التعليق:

أ- القرائن المعنوية 1:

ذكرنا من قبل أن الغاية التي يسعى إليها الناظر في النصِّ هي فهم النص, وأن وسيلته إلى ذلك أن ينظر في العلامات المنطوقة أو المكتوبة في النصِّ ليصل بواسطتها إلى تحديد المبنى, وأن الوصول إلى المبنى بواسطة العلامة ليس من العمليات العقلية الكبرى في التحليل؛ لأنها مسألة تعرّف يعتمد على الإدراك الحسي بواسطة السمع أو البصر, كما تتعرّف على فلان بواسطة حضوره أمامك, فلا يحتاج منك ذلك إلّا إلى الاعتماد في الفهم على قرينة العهد الحضوري أو حضور المعهود. أما ما هو أكثر صعوبة من ذلك دون شكٍّ فهو القفز العقلي من المبنى إلى المعنى؛ لأن ذلك يحتاج إلى قرائن معنوية وأخرى لفظية, ويصدق على كليهما اصطلاح: "القرائن المقالية", لأن هذين النوعين من القرائن يؤخذان "من المقال" لا من "المقام"، وتأتي الصعوبة في هذا المجال مما أشرنا إليه سابقًا من أن المبنى الصرفي الواحد يصلح لأكثر من معنى, وكانت هذه الإشارة تحت عنوان: "تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد". فإذا تعدد المعنى الوظيفي للمبنى الواحد على إطلاقه فليس معنى ذلك أنه يتعدد بالنسبة لعلامته بخصوصها في النص. فعلينا إذًا عند النظر في نصٍّ بعينه أن نقرِّر أيّ المعاني المتعددة هو الذي يتعين هنا؛ إذ لا بُدَّ في نص بعينه أن يكون المعنى محددًا, ووسيلة الوصول إلى هذا المعنى المعين هي استخدام القرائن المتاحة في المقال سواء ما كان معنويًّا وما كان لفظيًّا. فإذا كان الوصول إلى تحديد المبنى من العلامة يتمّ بحضور المعهود, وكان استحضار المعنى من المبنى لا يتمّ إلّا باستخدام القرائن, فلا شكَّ أن العملية الثانية أصعب من الأولى. والمعروف أن التحليل اللغوي "الإعراب" يحتاج إلى الأمرين جميعًا.

والعلاقات السياقية قرائن معنوية تفيد في تحديد المعنى النحوي "الباب الخاص كالفاعلية مثلًا" فعلاقة الإسناد مثلًا وهي العلاقة الرابطة بين المبتدأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015