الحاجة إليها. لا! إن لعبة المعجميين هي الكلمات نفسها لا صيغها, مع أنهم في منهج تناولهم للكلمات لا يغفلون الهوية الصرفية للكلمة, كما سنرى ذلك بعد قليل عند الكلام عن المعجم. حقًّا إن بعض الكلمات التي أصبحت عربية بالتعريب قد لا تكون مناسبة لإحدى صيغ الصرف العربي كما في كلمة "أرثماطيقا" مثلًا, أو كلمة "اسطرلاب" ومع ذلك يوردها المعجم "أو ينبغي له أن يوردها" بين كلماته دون نظر إلى مناسبتها للصيغ الصرفية العربية.

وعندما يعبّر المعجميون عن صلة الرحم بين الكلمات لا يقنعون بالمباني الصرفية التي ظهر وجه قصورها عن الوفاء بمطالب المعجم, وإنما يلجئون إلى وسيلة أخرى تتصل بروابط الكلمات لا بتنوع الصيغ, أو بعبارة أخرى تتصل بالمتن لا بالبنية, وهذه الوسيلة هي أصول المادة يجعلونها رحمًا تربط بالقرابة أفراد أسرة واحدة, ويجعلون حروف المادة مدخلًا إلى شرح معاني هذه الكلمات المفردات, ولكنم لا ينسبون إلى حروف المادة معنًى معينًا, بل إنهم يعترفون بإمكان تعدد المعاني بين الكلمات التي تشترك في هذه الأصول كالحل والحل والحلول تتفق مادة وتختلف معنى. والذي نحب أن نشير إليه هنا ونؤكد ضرورة اعتباره عند التفكير في هذه المسألة أن المعجميين لم يروا في الأصول الثلاثة أكثر من ملخص علاقة أو رحم قربى بين المفردات التي تترابط معجميًّا بواسطتها, ولذلك كان الإجراء المفضَّل عندهم في معاجمهم أن يفصلوا في الكتابة بين أصول المادة حتى لا تفهم منها كلمة ما.

على أن أحد الصرفيين "ابن جني" كان عند كلامه عن الاشتقاق الصغير والكبير والأكبر أكثر طموحًا من بقيتهم حين ينسب معنى إلى هذه الأصول عند اجتماعها مرتبة ترتيبًا معينًا, كما نسب المعنى إلى ما ينتج عن تشويش حروفها, والعبث بترتيبها, ومن شاء أن يرى ما قاله ابن جني فلينظر في "الخصائص".

والذي أراه أجدى على دراسة هذه المشكلة "مشكلة الاشتقاق" أن يعدل الصرفيون بها عن طريقتهم إلى طريقة المعجميين, بل أن يجعلوا دراستها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015