الاشتقاق:

قد تقوم بين الكلمات التي جاءت على صيغٍ مختلفة صلة رحم معينة قوامها اشتراك هذه الكلمات المختلفة الصيغة في أصول ثلاثة معينة, فتكون فاء الكلمة وعينها ولامها فيهنّ واحدة, هذه الصلة تدرس في الصرف تحت اسم "الاشتقاق", وفي المعجم تحت اسم "الاشتراك في المادة", ولم يكن الاختلاف بين الصرفيين والمعجميين منصبًّا على تسمية الظاهرة فحسب, وإنما تعدَّى ذلك إلى المنهج وطريقة النظر. فأمَّا الصرفيون فقد نظروا إلى المسألة من وجهة نظر المعنى الوظيفي من ناحية, ثم وجهة نظر التجرد والزيادة من ناحية أخرى, فأما المعنى الوظيفي الذي تشترك فيه المشتقات جميعًا فهو صلتها بمعنى الحدث, فهذا المعنى يوجد في أصفى صورة في المصدر, ويكفي لمعرفة ذلك أن نقرأ قول ابن مالك فيه:

المصدر اسم ما سوى الزمان من

مدلولي الفعل كأَمْن من أَمِنَ

فإذا كان الفعل دالًّا على مدلولين هما الحدث والزمن, كان تعريف المصدر في نظر ابن مالك هو أنه "اسم الحديث" الذي وصف بأنه "ما سوى الزمان", ومعنى الحدث مشترك بين جميع المشتقات, ولكن كل مشتق منها يضم إلى الحدث معنًى آخر كالزمن في الفعل, وفاعل الحدث في صفة الفاعل, ومفعول الحدث في صفة المفعول, وهلم جرا. وأما المصدر فهو اسم الحدث فقد؛ إذ لا يدل على معنى آخر إلى جانب الحدث, ولذلك رآه البصريون أصلًا للاشتقاق حين نظروا من هذه الزواية, وأردوا في تدعيم مناقشات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015