اللغه (صفحة 330)

وكلتية le celtique وإغريقية. وهنا أيضا نقابل أهمية المدينة بوصفها عاصمة سياسية.

من العاصمة أيضا خرجت الفرنسية المشتركة. فأهمية باريس السياسية والمنطقة الباريسية تفسر لنا بدرجة كبيرة انتشار لهجة الإيل دي فرانس l'Ile de france أي "الفرنسية" في الأقاليم المجاورة وذلك بانضمام هذه الأقاليم إلى المملكة، وصيرورتها في نهاية الأمر أداة للتبادل الذهني من دنكرك إلى بربنيان ومن برست إلى شامونكس. وفرنسية الإيل دي فرانس لم تمتد فحسب على اللهجات التي تشترك معها في أسرة واحدة، أي اللهجات المشتقة مثلها من اللاتينية، بل اتخذت أيضا لغة مشتركة لدى الفلمنكيين والبريتانيين، مع أن لغتيهما الطبيعيتين من أصل جرماني أو كلتي؛ كما نفذت بوصفها لغة مشتركة في إقليم الباسك في الجنوب الغربي من فرنسا، على أنها لم تقتصر على حدود فرنسا السياسية، إذ إن بعض الأجزاء البلجيكية والسويسرية يدخل في المجال الفرنسي من الوجهة اللغوية، وذلك دون أن نتكلم عن الجاليات القديمة أو الحديثة التي تعمل على انتشار الفرنسية فيما وراء البحار1. وتاريخ هذه الفرنسية المشتركة وتاريخ تكوينها وانتشارها الجغرافي يتصل اتصالا وثيقا بتاريخ فرنسا السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ فلا يستطاع فهم أحدهما دون معرفة الآخر. ولكن الفرنسية إنما خرجت من العاصمة، ومن طبقة اجتماعية بعينها من طبقات العاصمة، وهي البرجوازية. وهذه حقيقة أبان عنها برينو رضي الله عنهrunot في وضوح بالغ2: إن لغتنا المشتركة على النحو الذي استقرت عليه في القرن السابع عشر، هي لغة البرجوازية الباريسية، برجوازية "المدينة"، وقد سلم بها القصر ثم الأقاليم، والكتاب الكبار باستعمالهم إياها زودوها بالقدرة على فرض نفسها نهائيا وعلى استمرارها. لذلك لا نكاد نحس فيها أثرا للهجات. الإسبانية المشتركة نشأت واستقرت قبل الفرنسية بزمن طويل. إذ كانت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015