اللغه (صفحة 183)

أما اللغة الانفعالية فإنها ستشغلنا أكثر من هذا فإنها أصبحت، وخاصة منذ بداية هذا القرن، موضوع بحوث عميقة حددت معالم ميدانها وأوضحت طرائقها1.

ومنذ زمن غير قصير كان ج. فن درجبلنتس G. VON عز وجلصلى الله عليه وسلمR Gصلى الله عليه وسلمرضي الله عنهصلى الله عليه وسلمLصلى الله عليه وسلمNTZ يقول: "الإنسان لا يستخدم اللغة فحسب للتعبير عن شيء، بل للتعبير عن نفسه أيضا". ومن ثم لا ينبغي أن ندخل في اعتبارنا فقط الصورة التي تصاغ عليها الأفكار، بل أيضا العلاقات التي توجد بين هذه الأفكار وبين حساسية المتكلم. وبعبارة أخرى يجب أن نميز في كل لغة بين ما يمدنا به تحليل التصورات وبين ما يضيف إليه المتكلم من عنده: بين العنصر المنطقي والعنصر الانفعالي2.

ولا ينفك كلا العنصرين عن الاختلاط في كل لغة. وإذا استثنينا اللغات الاصطلاحية، واللغة العلمية منها بوجه خاص -تلك التي تعد خارج الحياة بطبعها- أمكننا أن نقول بأن التعبير عن أية فكرة لا يخلو مطلقا من لون عاطفي. والسلم الانفعالي نفسه لا يحوي نغمة واحدة تخلو من العاطفة، إذ ليس هناك إلا عواطف يختلف بعضها عن بعض.

فمن النادر جدا -عندما تتسابق في ذهننا، ونحن في صدد التعبير عن فكرة ما، عدة عبارات مختلفة- أن تكون إحدى هذه العبارات عقلية محضة وأن تعبر عن استدلال منطقي بحت أو أن تصور حقيقة أو حادثا ما في بساطته العارية من كل لباس. أرى حادثا يقع أمامي فأصبح راثيا لحال صاحبه: "آه! المسكين! " وأصادف صديقا لم أكن أتوقع لقاءه فأقول له: "أنت! هنا! ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015