اللغه (صفحة 15)

التصورات التي تستقيها من الاختبارات السابقة. وبذلك تنفصل من الأشياء بعض السمات البارزة، تلك السمات المشتركة بين مجموعة من الأشياء1. وفي هذه الحياة التصويرية الأولى تلك الحياة الفردية الخاضعة للمصلحة، تتكون بعض الصور النوعية وتصير آلات عملية كالآلات المادية تماما، آلات تعمل على جعل الأشياء ملكا للشعور ومسودة له, وهي النواة المتواضعة للمعرفة النظرية.

اللغة، وهي في مبدأ أمرها انفعالية وفاعلة ثم تأليفية، كلما تنوعت لتقوى على تمييز الأشياء والصفات والحالات وكلما زادت مرونة بالتعبير عن علاقات العالم الواقعي المتنوعة أشد التنوع بكلمات قد جردت من معناها الحقيقي لتتخذ قيمة الأدوات النحوية، تلك القيمة التجريدية العامة، نقول كلما تقدمت اللغة في هذا المضمار، صارت قوة لا تبارى، وأمكنها أن تدير الملكة التي تميز الشبيه من المخالف، والتي من بعد ذلك تجرد وتعمم، تلك الملكة اللاصقة بالحياة لصوق الحاسة التي تميز بها رائحة الطيب من الخبيث، واللغة على هذا النحو تمكننا من "الاستيلاء على الأشياء أنفذ وأشمل من ذي قبل".

الإنسان لم يكن "الإنسان المفكر" "Home sapiens" لأنه "الإنسان العامل" "Homo faber" فحسب، بل أكثر من ذلك لأنه "الإنسان الناطق" "HOMO LOQUصلى الله عليه وسلمNS" ويظهر أن تطور اللغة كان يقتفي عن كثب أثر تطورات الآلات المصنوعة. ويرى الأستاذ بول M. رضي الله عنهoule أن الإنسان الهيدلبرجي" "Homo heidelbergensis" كان الحلقة الوسطى بين الإنسان الذي يتكلم والحيوانات التي تصيح، أما "الإنسان النيندرثالي" Homo neanderthalensis فيظهر أنه كان يملك مبادئ فكرية من اللغة الملفوظة2.

ولكنا لسنا في حاجة إلى القول بأن الانتقال من الصورة النوعية إلى الإدراك المحض كان متناهيا في البطء فالكلمة في بادئ الأمر كانت "ضئيلة الشأن" ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015