وليس دواؤه إلا انقضاؤه، وبئس المثل: النار ولا العار، ونعم الراكضان «1» : الليل والنهار، وأظن الشباب والشيب لو مثّلا لكان الأول كلبا عقورا، والآخر شيخا وقورا، ولاشتعل الأول نارا، واشتهر الآخر نورا، فالحمد الله الذي بيض «2» القار وسماه الوقار، وعسى الله أن يغسل الفؤاد كما غسل السواد، إن السعيد من شابت جملته ولم تخص بالبياض لحيته «3» . وقال أيضا في الشيب:
يا من يعلل نفسه بالباطل ... نزل المشيب فمرحبا بالنازل
إن كان ساءك طالعات بياضه ... فلقد كساك بذاك ثوب الفاضل
لا تبكين على الشباب وفقده ... لكن على الفعل القبيح الحاصل
يا غافلا عن ساعة مقرونة ... بنوادب وصوارخ وثواكل
قدّم لنفسك قبل موتك صالحا ... فالموت أسرع من نزول الهاطل
حتام سمعك لا يعي لمذكر ... وصحيح قلبك لا يلين لعاذل
تبغي من الدنيا الكثير وإنما ... يكفيك من دنياك زاد الراحل