قال بعض الحكماء: في الفراق مصافحة التسليم ورجاء الأوبة، والسلامة من السآمة وعمارة القلب بالشوق والأنس بالمكاتبة.
قال أبو تمام:
وليست فرحة الأوبات إلا ... بموقوف على ترح الوداع
وكتب بعض الكتّاب: جزى الله الفراق خيرا، فما هو إلا زفرة وعبرة ثم اعتصام وتوكل ثم تأميل وتوقع، وقبّح الله التلاقي، فإنما هو مسرة لحظة ومساءة أيام، وابتهاج ساعة واكتئاب زمان. وقال:
إني لأكره الاجتماع ولا أكره الفراق، لأن مع الفراق غمة يخفيها توقع إسعاف بتأميل الأوبة والرجعى. ومع الاجتماع محاذرة الفراق وقصر السرور: قال الشاعر:
ليس عندي سخط النوى بعظيم ... فيه غم وفيه كشف غموم
من يكن يكره الفراق فإني ... اشتهيه للذة التسليم
إن فيه اعتناقه لوداع ... وانتظار اعتناق لقدوم
وقال بعض الظرفاء من الكتّاب: إن قلت: إني لم أجد للرحيل ألما وللبين حرقة، لقلت: حقا، لأني نلت به العناق وأنس اللقاء ما