وقيل لفيلسوف يعق والديه: لم تعق والديك؟! فقال: لأنهما أخرجاني إلى عالم الكون والفساد. وقيل لأعرابي: لم أخرّت التزوج إلى الكبر؟! قال: لأبادر ولدي باليتم قبل أن يسبقني بالعقوق.
وحدثني أبو نصر سهل بن المهدي قال: كان رجل من المياسير بالبصرة يتمنى أن يرزق ابنا وينذر عليه النذور حتى ولد له، فسرّ به غاية السرور وأحسن تربيته حتى ارتفع عن مبلغ الأطفال إلى حد الرجال.
ولم يهمه شيء من أمر الدنيا سواه، ولم يؤخر ممكنا من الإحسان عنه، فلم يشعر الأب ذات يوم إلا بخنجر خالط جوفه من وراء ظهره، فاستغاث بابنه فلم يجبه، ثم استغاث به ثانية والتفت فإذا هو صاحب الضربة، فقال الشيخ: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أستغفر الله، صدق الله؛ أراد بالتهليل أن يلقى الله بالإيمان، وبالاستغفار إن الله تعالى حذره فلم يحذر، وبقوله: صدق الله عز وجل، قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
«1» . فجمع بهذه الكلمات كل ما يحتاج إليه في تلك الحال.