قال بعضهم: كثرة العتاب تورث الضغينة وتولد البغضة. وقال بعض الحكماء والبلغاء: مثل العتاب، مثل الدواء ينقي به عارض الصدود، ويشفي بمكانه مرض الصدور، فإذا استعمل لغير علة عارضة، وتنوقل بلا حاجة ظاهرة، تحول داء المحبة دويّا وصار موتا بيد القطيعة وحيّا.
وقال آخر: كثرة العتاب داعية الاجتناب. وقال الشاعر:
إن بعض العتاب يدعو إلى حقد ... ويؤذي به المحبّ الحبيبا
فإذا ما القلوب لم تضمر الودّ ... فلن يعطف العتاب القلوبا
وقال آخر:
فدع العتاب فرب شر ... هاج أوله العتاب
وقال آخر:
إذا ما كنت منكر كل ذنب ... ولم تجلل أخاك عن العتاب
تباعد من تعاتب بعد قرب ... وصار به الزمان إلى اجتناب
وقال ابن المعتز: لا تعاتب صديقك لأدنى سبب وأخفى شيء يتعلق به الظن، فإن ذلك يدل على ضعف ثقتك به، ووهن مودتك له، وكفى بما قاله بشار بن برد واعظا من العتاب: