إن الأديب إذا تفكّر لم يكد ... يخفى عليه من الأمور الأوفق
فهناك تشعب ما تفاقم صدعه ... ويداك ترتق كلّ أمر يفتق
وإذا استشرت ذوي العقول فخيرهم ... عند المشورة من يحن ويشفق
وكان يقال: نصف عقلك مع أخيك فاستشره. وكان يقال: ما استنبط الصواب بمثل المشورة، ولا خصبت النعم بمثل المواساة، ولا اكتسبت البغضة بمثل الكبر. وكان يقال: لا يستقيم الملك بالشركاء، ولا يستقيم الرأي بالتفرد به.
وقيل: شاور قبل أن تقدم. وقال عبد الملك بن مروان: لأن أخطىء وقد استشرت، أحب إليّ من أن أصيب وقد استبددت برأي من غير مشورة. وقال سليمان بن داود عليهما السلام لابنه: لا تقطعن أمرا حتى تشاور مرشدا، فإنك إذا فعلت ذلك لم تحزن عليه. وقيل للنبي عليه الصلاة والسلام: ما الحزم؟ قال: «أن تستشير ذا الرأي وتطيع أمره» «1» . وقال عليه الصلاة والسلام: «لم يهلك امرؤ عن مشورة» «2» . وقيل: مكتوب في التوراة: من ملك استأثر، ومن لم يستشر يندم، والحاجة الموت الأكبر والهم نصف الهرم. وقال الشاعر:
نصحت لذي جهل وقلت لعلّه ... بنصحي له من نومه يتنبه