يحدث به أصحابه من أمر الدين حرصاً على تعجيل أفهامهم، فكانوا يسألونه في هذه الحالة أن يمهلهم فيما يخاطبهم به إلى أن يفهموا كل ذلك الكلام.

قوله: «انْظُرْنَا» الجملة أيضاً في محلّ نصب بالقول، والجمهور على انظرنا [بالوصل] الهمزة، وضم الظاء أمراً من الثلاثي، وهو نَظَر من النَّظِرَة، وهي التأخير، أي: أخرنا وتأَنَّ عَلْينا؛ قال امرؤ القَيْسِ: [الطويل]

723 - فَإنّكُمَا إنْ تَنْظُرَانِيَ سَاعَةً ... مِنَ الدَّهْرِ يَنْفَعْنِي لَدَي أُمِّ جُنْدَبِ

وقيل: هو من نظر أي: أَبْصَرَ، ثم اتُّسع فيه، فعدّي بنفسه؛ لأنه في الأصل يتعدى ب «إلَى» ؛ ومنه: [الخفيف]

724 - ظَاهِرَاتُ الجَمَالِ وَالحُسْنِ يَنْظُرْنَ ... كَمَا يَنْظُرُ الأَرَاكَ الظِّبَاءُ

أي: إلى الأراك.

وقيل: من نظر أي: تفكر ثم اتسع فيه أيضاًن فإن أصله أن يتعدّى ب «في» ، ولا بد من حذف مضاف على هذا أي: انظر في أمرنا، وقرأ أبيّ والأعمش: «أنْظِرْنَا» بفتح الهمزة وكسر الظاء أمراً من الرباعي يمعنى: أَمْهِلْنَا وأَخِّرْنَا؛ قال: [الوافر]

725 - أَبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا وأنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِينَا

أي: أمهل علينا، وهذه القراءة تؤيد أن الأول من النَّظِرَةِ بمعنى التأخير، لا من البَصَر، ولا من البَصِيرَة، وهذه الآية نظير [آية] الحديد

{انظرونا نَقْتَبِسْ} [الحديد: 13] فإنها قرئت بالوجيهن.

قوله: «وَاسْمَعُوا» حصول السماع عند سلامة الحاسّة أمر ضروري خارج عن قدرة البشر، فلا يجوز وقوع الأمر به، فإذن المراد منه أحد أمور ثلاثة:

أحدها: فرغوا أسماعكم لما يقول النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة.

[وثانيها: اسمعوا سماع قبول وطاعة، ولا يكن سماعكم كسماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015