قال الزمخشري: المعنى: متتابعون في الهلاك على أيديهم، ومنه بيت الحماسة:
3909 - أَبَعْدَ بَنِي أُمِّي الَّذِينَ تَتَابَعُوا ... أُرَجِّي الحَيَاةَ أَمْ مِنَ المَوْتِ أَجْزَعُ
يعني: أن «ادَّرَك» على «افتعل» لازم بمعنى فني واضمحلّ، يقال: ادَّرَكَ الشيء يدَّرك فهو مدَّرَك، أي: فني متتابعا، ولذلك كسرت الراء. وممن نص على كسرها أبو الفضل الرازي، قال: «وقد يكون» ادَّرَك «على» افتعل «بمعنى» أفعل «متعدياً، ولو كانت القراءة من هذا لوجب فتح الراء ولم يبلغني عنهما - يعني: عن الأعرج وعبيد - إلا الكسر» .
فصل
المعنى {فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان} ، أي: رأى كل فريق صاحبه.
وقرىء {فَلَمَّا تَرَاءْتِ الفِئَتَانِ} قال أصحاب موسى: «إنَّا [لَمُدْرَكُونَ» أي] لَمُلْحَقُون، وقالوا: يا موسى {أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا} [الأعراف: 129] كانوا يذبحون أبناءنا، {وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} [الأعراف: 129] يدركوننا في هذه الساعة فيقتلوننا، ولا طاقة لنا بهم، فعند ذلك قال موسى ثقة بوعد الله إياه «كَلاَ» وذلك كالمنع مما توهموه، أي: لن يدركونا {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} يدلني على طريق النجاة.