16

بعدها ياء ساكنة ولام مفتوحة وقاف مضمومة، وهو مضارع «وَلِق» بكسر اللام، كما قالوا: «تيجل» مضارع «وَجِل» . وقوله: «بِأَفْوَاهِكمْ» كقوله: «يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ» وقد تقدم.

فصل

اعلم أن الله تعالى وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام، وعلق مس العذاب العظيم بها.

أحدها: تلقي الإفك بألسنتهم، وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل يقول له: ما وراءك؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع واشتهر، ولم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه. فكأنهم سعوا في إشاعة الفاحشة، وذلك من العظائم.

وثانيها: أنهم كانوا يتكلمون بما لا علم لهم به، وذلك يدل على أنه لا يجوز الإخبار إلا مع العلم، ونظيره:

{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] .

وثالثها: أنهم كانوا يستصغرون ذلك، وهو عظيمة من العظائم.

وتدل الآية على أن القذف من الكبائر لقوله: {وَهُوَ عِندَ الله عَظِيمٌ} ، وتدل على أن الواجب على المكلف في كل محرم أن يستعظم الإقدام عليه.

ونبه بقوله: «وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً» على أن عمل المعصية لا يختلف بظن فاعله وحسبانه، بل ربما كان ذلك مؤكداً لعظمه.

فإن قيل: ما معنى قوله: «بِأَفوَاهِكُمْ» والقول لا يكون إلاّ بالفم؟

فالجواب: معناه: أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب، فيترجم عنه باللسان، وهذا الإفك ليس إلا قولاً يجري على ألسنتكم من غير أن يحصل في القلب علم به كقوله: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167] .

قوله

: {ولولاا

إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} كقوله: {لولاا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ} [النور: 12] ولكن الالتفات فيه قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز الفصل بين (لولا) و (قلتم) بالظرف؟ قلت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015