البقاء وهو يشبه ما قالوه في قوله: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: 24] أنه بمعنى: أَلْقِ أَلْقِ ثنّى الفعل للدلالة على ذلك، وأنشدوا:
3809 - قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِل ... أي: قف قف.
فصل
اعلم أنّه تعالى أخبر أنَّ هؤلاء الكفار الذين ينكرون البعث يسألون الرجعة إلى الدنيا عند معاينة الموت فقال: {حتى إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ الموت (قَالَ رَبِّ ارجعون} ) ولم يقل: ارجعني، وهو يسأل الله وحده الرجعة لما تقدّم في الإعراب. وقال الضحّاك: كنت جالساً عند ابن عباس فقال: مَنْ لَمْ يُزَكِّ ولم يَحُج سأل الرجعة عند الموت، فقال رجل: إنما يسأل ذلك الكفار. فقال ابن عباس: أنا أقرأ عليك به قرآناً {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت فَيَقُولُ رَبِّ لولاا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} [المنافقون: 10] .
وقال عليه السلام: «إذا حضر الإنسان الموت جمع كل شيء كان يمنعه من حقه بين يديه فعنده يقول: {رَبِّ ارجعون لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} » .
واختلفوا في وقت مسألة الرجعة، فالأكثرون على أنه يسأل حال المعاينة وقيل: بل عند معاينة النار في الآخرة، وهذا القائل إنَّما ترك ظاهر هذه الآية لمَّا أخبر الله - تعالى - عن أهل النار في الآخرة أنهم يسألون الرجعة.
قوله: {لعلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} أي: ضيّعتُ. أي: أقول لا إله إلاَّ الله.