7

تعالى أن يجعله رضيًّا؛ فدلَّ على أنَّ فعل العبد مخلوقٌ لله تعالى.

فإن قيل: المرادُ: أن يلطف به بضُرُوب الألطاف فيختار ما يصير به رضيًّا عنده، فنسب ذلك إلى الله تعالى.

فالجوابُ من وجهين:

الأول: لو حملناه على جعل الألطاف، وعندها يصير إليه المرء باختياره رضيًّا؛ لكان ذلك مجازاً، وهو خلافُ الأصل.

الثاني: أنَّ جعل تلك الألطاف واجبةً على الله تعالى، لا يجوزُ الإخلال به، وما كان واجباً لا يجوزُ طلبهُ بالدُّعاء والتضرُّع.

قوله

: {يازكريآ

إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ} .

اختلفُوا في المنادي، فالأكثرون على أنَّه هو الله تعالى؛ لأنَّ زكريَّا إنَّما كان يخاطبُ الله تعالى، ويسأله بقوله: {رَبِّ إِنَّي وَهَنَ العظم مِنِّي} ، وبقوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً} وبقوله: «فهب لي» ، وبقوله بعده: {أنى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} ، فوجب أن يكون هذا النداءُ من الله تعالى، وإلاّ لفسد [المعنى و] النَّظْم، وقيل: هذا النداءُ من الملكِ؛ لقوله: {فَنَادَتْهُ الملاائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المحراب أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى} [آل عمران: 39] .

وأيضاً: فإنه لمَّا قال: {عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} [مريم: 8، 9] .

وهذا لا يجوزُ أن يكونَ كلام الله؛ فزجب أن يكون كلام الملكِ.

ويمكنُ أن يجاب بأنه يحتملُ أنَّه يحصل النداءان: نداءُ الله تعالى، ونداءُ الملائكة.

ويمكنُ أن يكون قوله: {قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ} من كلام الله تعالى، كما سيأتي ببيانه - إن شاء الله تعالى -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015