والجملة في قوله: «أَتُحَدِّثُونَهُمْ» في محلّ نصب بالقول، قال القُرْطبي: ومعنى فتح: حكم.

والفتح عند العرب: القضاء والحكم، ومنه قوله تعالى: {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق وَأَنتَ خَيْرُ الفاتحين} [الأعراف: 89] أي: الحاكمين. والفتاح: القاضي بلغة «اليمن» ، يقال: بيني وبينك الفَتّاح، قيل ذلك لأنه ينصر المظلوم على الظالم.

والفتح: النصر، ومنه قوله: {يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ} [البقرة: 89] وقوله: {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَآءَكُمُ الفتح} [الأنفال: 19] .

قوله: «لِيُحَاجُّوكُمْ» أي: ليخاصموكم، ويحتجوا بقولكم عليكم، وهذه اللام تسمى لام «كي» بمعنى أنها للتعليل، كما أن «كي» كذلك لا بمعنى أنها تنصب ما بعدها بإضمار ب «كي» كما سيأتي، وهي حرف جر، وإنما دخلت على الفعل؛ لأنه منصوب ب «أن» المصدرية مقدّرة بعدها، فهو معرب بتأويل المصدر أي: للمُحَاجَّة، فلم تدخل إلاّ على اسم، لكنه غير صريح.

والنصب ب «أن» المضمرة كما تقدم لا ب «كي» خلافاً لابن كَيْسَان والسّيرافي، وإن ظهرت بعدها نحو قوله تعالى: {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ} [الحديد: 23] لأن «أن» هي أم الباب، فادعاء إضمارها أولى من غيرها.

وقال الكوفيون: النَّصْب ب «اللام» نفسها، وأن ما يظهر بعدها من «كي» ، ومن «أَنْ» إنما هو على سبيل التأكيد، وللاحتجاج موضعٌ غير هذا.

ويجوز إظهار «أن» وإضمارها بعد هذه «اللام» إلاَّ في صورة واحدة، وهي إذا وقع بعدها «لا» نحو قوله: {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ} [الحديد: 29] {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ} [البقرة: 150] وذلك لما يلزم من توالي لاَمَيْنِ، فَيثْقُل اللفظ.

والمشهور في لغة العرب كسر هذه اللام؛ لأنها حرف جر، وفيها لغة شاذة وهي الفتح.

قال الأخفش: «لأن الفتح الأصل» .

قال خلف الأحمر: هي لغة بني العَنْبَر. وهذه اللام متعلّقة بقوله: «أَتُحَدِّثُونَهُمْ» .

وذهب بعضهم إلى أنها متعلّقة ب «فتح» وليس بظاهر؛ لأن المُحَاجَّة ليست علّة للفتح، وإنما هي نشأت عن التحديث، اللهم إلا أن يقال: تتعلّق به على أنها لام العاقبة، وهو قول قيل به، فصار المعنى أن عاقبة الفتح ومآله صار إلى أن يحاجُّوكم.

أو تقول: إن اللاَّم لام العلة على بابها، وإنما تعلّقت ب «فتح» ؛ لأنه سبب للتحديث، والسبب والمسبب في هذا واحد.

والحُجّة: الكلام المستقيم على الإطلاق، ومن ذلك محجّة الطريق، وحاججت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015