ثم احتجَّ على حدوثِ الرُّوحِ بقوله: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً} .

ثم استدلَّ بحدوثِ الأرواح بتغيُّرها من حال إلى حالٍ، وهو المراد بقوله: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً} .

وأما أقوال المفسِّرين في الروح المذكورة ها هنا:

فقيل: الروح: القرآن؛ لأن الله تعالى سمَّى القرآن في هذه الآية، وفي كثيرٍ من الآيات روحًا؛ قال تعالى: {أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52] .

{يُنَزِّلُ الملاائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} [النحل: 2] .

ولأنَّ القرآن تحصل به حياة الأرواح والعقول؛ لأنَّ به تحصل معرفة الله تعالى، ومعرفة ملائكته، وكتبه، ورسله، والأرواح إنَّما يحصلُ إحياؤها بهذه المعارف، وتقدم قوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] .

وقال بعده: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: 86] .

إلى قوله: {قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرآن لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: 88] .

فلما كان ما قبل هذه الآية في وصف القرآن، وما بعدها كذلك، وجب أن يكون المراد بالروح القرآن؛ حتَّى تكون آيات القرآن كلها متناسبة؛ لأن القوم استعظموا أمر القرآن، فسألوا: هل هو من جنس الشِّعر، أو من جنس الكهانة؟ فأجابهم الله تعالى بأنه ليس من جنس كلام البشر، وإنما هو كلامٌ ظهر بأمر الله، ووحيه، وتنزيله، فقال: {قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي} ، أي: القرآن إنما ظهر بأمر الله ربِّي، وليس من جنس كلامِ البشر.

ورُوِيَ عن ابن عباس: أنه جبريل، وهو قول الحسن وقتادة؛ لقوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ} [الشعراء: 193، 194] ؛ وقوله: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا} [مريم: 17] .

ويؤكده: {قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي} .

وقال جبريل: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] .

فسالوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: كيف جبريل في نفسه؟ وكيف يأتيه؟ وكيف يبلغ الوحي إليه؟ .

وقال مجاهد: الرُّوحُ: خلق ليسوا من الملائكة، على صور بني آدم يأكلون، ولهم أيدٍ، وأرجلٌ، ورءوسٌ.

وقال أبو صالحٍ: يشبهون الناس، وليسوا من النَّاس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015