ووجهُ التجملِ بها أنَّ الراعيَ إذا روحها بالعشيَّ وسرَّحها بالغداة تزينت عند تلك الإراحة والتسريح الأفنية، وكثر فيها النفاء والرغاء، وعظم وقعهم عند الناس لكونهم مالكين لها.

والمنفعة الثانية قوله: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ} .

الأثقالُ: جمع ثِقَل، وهو متاع السَّفر إلى بلدٍ. قال ابن عباسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «يريد من مكة إلى [المدينة] والشام ومصر» .

وقال الواحديُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «والمراد كلُّ بلدٍ لو تكلفتم بلوغه على غير إبلٍ لشقَّ عليكم» .

وخصَّ ابن عباسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - هذه البلاد لأنَّها متاجر أهل مكة.

قوله {لَّمْ تَكُونُواْ} صفة ل «بَلدٍ» ، و «إلاَّ بشقِّ» حال من الضمير المرفوع في «بَالغِيهِ» ، أي: لم تبلغوه إلا ملتبسين بالمشقةِ.

والعامة على كسر الشِّين. وقرأ أبو جعفر ورويت عن نافع، وأبي عمرو بفتحها؛ فقيل: هما مصدران بمعنى واحد، أي: المشقَّة فمن الكسرِ قول الشاعر: [الطويل]

3300 - رَأى إبلاً تَسْعَى ويَحْسِبُهَا لَهُ ... أخِي نَصبٍ مِنْ شِقِّهَا ودُءُوبِ

أي: من مشقّتها.

وقيل: المفتوح المصدر، والمكسور الاسم.

وقيل: بالكسر نصف الشيء. وفي التفسير: إلاَّ بنصف أنفسكم، كما تقول: لَمْ تَنلهُ إلا بقطعه من كيدك على المجاز.

فصل

أذا حملنا الشقَّ على المشقَّةِ كان المعنى: لم تكونوا بالغيه إلاَّ بالمشقَّة، وإن حملناها على نصف الشيء كان المعنى: لم تكونوا بالغيه إلا عند ذهاب نصف قوتكم ونقصانها.

قال بعضهم: المراد من قوله تعالى {والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ} الإبل فقط، لأنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015