وقيل: إنما خرج وصفهم بذلك مخرج الصّفة لقتلهم بأنه ظلم في حقهم لا حقٌ، وهو أبلغ في الشناعة والتعظيم لذنوبهم.

وقيل: هذا التكرير للتأكيد، كقوله تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إِلَهَا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117] ، ويستحيل أن يكون لمدعي الإله الثاني بُرْهَان.

وقيل: إن الله تعالى [لو ذمّهم على مجرد القتل قالوا: أليس أنّ الله يقتلهم، فكأنه تعالى قال: القَتْلُ الصادر من الله تعالى] قَتْلٌ بحقِّ، ومن غير الله قَتْلٌ بغير حق.

فإن قيل: كيف جاز أن يخلّي بين الكافرين [وقتل] الأنبياء؟

قيل: ذلك كرامة لهم، وزيادة في منازلهم كمن يقتل في سبيل الله من المؤمنين، وليس ذلك بِخُذْلان لهم.

قال ابن عباس والحسن رَضِيَ اللهُ عَنْهم: لم يقتل قَطّ نبي من الأنبياء إلا من لم يؤمر بقتال، وكل من أمر بقتال نصر.

فصل في أوجه ورود لفظ الحق

وقد ورد «الحَقّ» على أحد عشر وجهاً:

الأول: بمعنى «الجَزْ» لقوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الأنبيآء بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 112] أي: بغير جَزْمٍ كهذه الآية.

الثاني: بمعنى «الصّفة» قال تعالى: {الآن جِئْتَ بالحق} [البقرة: 71] أي: بالصفة التي نعرفها.

الثالث: بمعنى «الصّدق» قال تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين} [الروم: 47] ، ومثله {ذلك عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلَ الحق} [مريم: 47] أي: قول الصدق.

الرابع: بمعنى: «وجب» قال تعالى: {ولكن حَقَّ القول مِنِّي} [السجدة: 13] أي: وجب، ومثله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} [غافر: 6] أي: وجبت.

الخامس: بمعنى: «الولد» قال تعالى: {بَشَّرْنَاكَ بالحق} [الحجر: 55] أي: بالولد.

السادس: الحقّ: الحُجّة قال تعالى: {فَلَمَّا جَآءَهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا قالوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُّبِينٌ} [يونس: 76] أي: جاءتهم الحجّة، وهي اليَدُ والعَصَاة.

السابع: بمعنى «القَضَاء» قال تعالى: {قَالَ رَبِّ احكم بالحق} [الأنبياء: 115] أي: اقض، ومثله: {وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الحق يأتوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ} [النور: 49] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015