يديه، كقوله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ولكن رَّسُولَ الله} [الأحزاب: 40] ثم قالا: ويجوز رفعه في قياس النحو على معنى: ولكن هو تصديق الذي بين يديه؛ فكأنَّهما لم يطَّلعا على أنهما قراءة.
فصل
معنى الآية: أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يصحُّ منه أن يفترى هذه القصَّة، بحيث تكون مطابقة لها من غير تفاوت.
وقيل: إن القرآن ليس بكذب في نفسه؛ لأنَّه لا يصحُّ أن يفترى، ثم أكَّد كونه غير مفترى بقوله: {ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ} وهو إشارة إلى أنَّ هذه القصَّة وردت موافقة لما في التوراة، وسائر الكتب الإلهيَّة، ثم وصفه بأن فيه: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} .
قيل: كل شيء في واقعة يوسف مع أبيه، وإخوته.
وقيل: يعود على كلِّ القرآن؛ كقوله تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38] .
والأولى: أن يجعل هذا الوصف وصفاً لكلِّ القرآن، ويكون المراد ما تضمَّنه من الحلال، والحرام، وسائر ما يتَّصل بالدِّين.
قال الواحدي:» وعلى هذين التفسرين جميعاً؛ فهو من العام الذي أريد به الخاصُّ؛ كقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] يريد: وسعت كل شيء أن يدخل فيها، {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] .
ثمَّ وصفه بكونه هدّى في الدنيا، وسبباً لحصول الرحمة في القيامة، {لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} خصَّهم الله بالذِّكرح لأنَّهم الذين انتفعوا به، كقوله تعالى {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] .
وروى أبيُّ بن كعب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وشرَّف كرَّم وبجَّل وعظَّم: «عَلِّموا أرقَّاءكُمْ سُورَةَ يُوسُفَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، فإنَّهُ أيُّما مسلم تلاها، وعلَّمَها أهْلهُ ومَا مَلكَتْ يَمِينهُ، هَوَّنَ اللهُ عَليْهِ سَكرَاتِ المَوْتِ، وأعْطَاهُ القُوَّة أن لا يَحْسُدَ مُسْلِمَا» .