لمَّا كان السعي والسبقُ بالقدم سُمِّي السَّعي المحمود قدماً، كما سُمِّيت اليدُ نعمةً لمَّا كانت صادرةً عنها، وأضيف إلى الصدق دلالةً على فضله، وهو من باب «رجُلُ صدقٍ، ورجلُ سوءٍ» .
وقيل: هو سابقةُ الخير التي قدَّمُوها؛ ومنه قول وضَّاح اليمن: [المنسرح] .
2868 - مَالكَ وضَّاحُ دَائِمَ العَزَلِ ... ألَسْتَ تَخْشَى تقارُبَ الأجَلِ
صلِّ لذي العَرْشِ واتَّخِذْ قَدَماً ... يُنْجِيكَ يَوْمَ العَثَارِ والذَّلَلِ
وقيل: هو التقدُّم في الشرف؛ ومنه قول العجَّاج: [الرجز]
2869 - ذَلَّ بنُو العوَّامِ عنْ آلِ الحَكَمْ ... وتَرَكُوا المُلْكَ لملكٍ ذي قَدَمْ
أي: ذي تقدُّم وشرف.
قال ابن عبَّاس: أجراً حسناً بما قدَّمُوا من أعمالهم، وروى عليُّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو السعادة في الذكر الأول.
وقال زيد بن أسلم: هو شفاعة الرَّسُول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -.
وقال عطاء: مقام صدق، لا زوال له، ولا بؤس فيه. وأضيف القدمُ إلى الصِّدق وهو نعته، كقولهم: مَسْجِد الجَامِع، {وَحَبَّ الحصيد} [ق: 9] .
وقال أبُو عبيد: كل سابق في خير أو شرٍّ فهو عند العرب قدم، يقال لفُلان قدم في الإسلام، وله عندي قدم صدق وقدم سوءٍ، وهو يؤنثُ. وقد يذكر، فيقال: قدم حسن، وقدم صالحة. و «لَهُمْ» خبر مقدَّم، و «قَدَمَ» اسمها، و «عِندَ ربِّهِمْ» صفة ل «قَدَمَ» ، ومنْ جوَّز أن يتقدَّم معمُولُ خبر «أنَّ» على اسمها إذا كان حرف جرٍّ؛ كقوله: [الطويل]
2870 - فَلاَ تَلْحَنِي فيهَا فإنَّ بحُبِّهَا ... أخاكَ مُصَابُ القَلْبُ جَمٌّ بلابِلُهْ