78

لما حَكَى عنهم أنَّهم يَخْشَون النَّاسَ عند فَرْضِ القِتَالِ بَكَّتهُم هَهُنَا؛ فقال: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الموت} أي: لا خلاص لكُم من المَوْت، والجِهَاد مَوْتٌ يستعقبه سَعَادة أخْرَوِيَّة، فإذا كان لا بُدَّ من المَوْتِ، فبأن يَقَع على وَجْهٍ يستَعْقِب السَّعَادة الأبَدِيَّة، أوْلى من ألاَّ يكُون كَذَلِكَ.

قوله: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ} : «أين» اسْم شَرْك يجزم فِعْلَين، و «ما» زائدة على سَبِيل الجَوَازِ مؤكِّدة لها، و «أين» ظَرْف مَكَان، و «تكونوا» مَجْزومٌ بها، و «يدرككم» : جوابُه.

والجمهُور على جزمه؛ لأنه جواب الشرط، وطلحة بن سليمان: «يدركُكم» برفعه، فخرَّجه المُبَرِّد، على حَذْفِ الفَاءِ، أي: فيدرككم المَوْت.

ومثلُه قول الآخر: [الرجز]

1831 - يَا أقْرَعُ بْنَ حَابِسٍ يَا أقْرَعُ ... إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أخُوكَ تُصْرَعُ

وهذا تَخْرِيج المُبَرِّد، وسيبويه يَزْعم أنه ليْس بجَوَابٍ، إنَّما هو دالٌّ على الجَوَاب والنِّيةُ به التقديمُ.

وفي البَيْت تَخْرِيجٌ آخر: وهو أنْ يكُون «يَصْرَعُ» المرفُوعُ خبراً ل «إنك» ، والشَّرطُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015