الأول - وهو الأظهر -: أنه يعود على «أولياءه» أي: فلا تخافوا أولياءَ الشيطان، هذا إن أريد بالأولياء كفار قريش.
الثاني: أنه يعود على «الناس» من قوله: {إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} [آل عمران: 173] إن كان المراد ب «أولياءه» المنافقين.
الثالث: أنه يعود على «الشيطان» قال أبو البقاء: «إنما جمع الضمير؛ لأن الشيطان جنس» والياء في قوله: «وخافوني» من الزوائد، فإثبتها أبو عمرو وصلاً، وحَذَفَها وقفاً - على قاعدته - والباقون يحذفونها مطلقاً.
فصل في ورود الخوف في القرآن الكريم
ورد الخوف على ثلاثةِ أوجهٍ:
الأول: الخوفُ بعينه، كهذه الآية.
الثاني: الخوف: القتال، قال تعالى: {فَإِذَا ذَهَبَ الخوف سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} [الأحزاب: 19] أي: إذا ذهب القتال.
الثالث: الخوف: العِلْم، قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} [البقرة: 229] وقوله: {وَأَنذِرْ بِهِ الذين يَخَافُونَ أَن يحشروا إلى رَبِّهِمْ} [الأنعام: 51] . أي: يعلمون وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} [النساء: 35] أي: علمتم.
وقوله: {إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} جوابه محذوف، أو متقدم - عند مَنْ يرى ذلك - وهذا من باب الإلهاب والتهييج. إلا فهم ملتبسون بالإيمان.
قوله: {وَلاَ يَحْزُنكَ الذين} قرأ نافع «يُحزنك» - بضم حرف المضارعة - من «أحزن» - رباعياً - في سائر القرآن إلا التي في قوله: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر} [الأنبياء: 103] فإنه كالجماعة. والباقون بفتح الباء - من «حزنه» ثلاثياً - فقيل: هما من باب ما جاء فيه فَعَل وأفْعَل بمعنى.
وقيل: باختلاف معنى، فَحَزَنَه: جَعَل فيه حُزْناَ - نحو: دهنه وكحله، أي: جعل فيه دهناً وكحلاً - وأحزنته: إذا جعلته حزيناً. ومثل حَزَنَه وأحْزَنَه فَتَنَه وأفتَنَه، قال سيبويه: «وقال بعضُ العربِ: أحزنت له الحُزْن، وأحزنته: عرَّضته للحُزْن. قاله أبو البقاء وقد تقدم اشتقاق هذه اللفظة في» البقرة «.