الثالث: أنّها متعلقة بمحذوف، دَلَّ عليه السياقُ.

قال أبو البقاء: «تقديره: دام لكم ذلك إلى وقتِ فَشَلِكُم» .

القول الثاني: أنَّها حرف ابتداءٍ داخلة على الجملة الشرطية، و «إذَا» على بابها - من كونها شرطية - وفي جوابها - حينئذٍ - ثلاثةُ أوجهٍ:

أحدها: قال الفرّاء: جوابها «وَتَنَازَعْتُمْ» وتكون الواو زائدة، كقوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ} [الصافات: 103 - 104] والمعنى ناديناه، كذا - هنا - الفشل والتنازع صار موجباً للعصيان، فكأنَّ التقدير: حتى إذا فَشِلْتُم، وتنازعتم في الأمر عصيتم.

قال: ومذهب العرب إدخال الواو في جواب «حَتَّى» كقوله: {حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} {الزمر: 73] فإن قيل: قوله: {فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ} معصية، فلو جعلنا الفشل والتنازُع علةً للمعصية لزم كونُ الشيء علةً لنفسه، وذلك فاسدٌ.

فالجواب: أن المراد من العصيان - هنا - خروجهم عن ذلك المكانِ، فلم يلزم تعليلُ الشيء بنفسه. ولم يَقْبَل البصريون هذا الجوابَ؛ لأن مذهَبهمْ أنه لا يجوزُ جَعْلَ الواو زائدة.

قوله: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ} و «ثم» زائدة.

قال أبو علي: ويجوز أن يكون الجواب {صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} و «ثُمَّ» زائدة، والتقدير: حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم صرفكم عنهم. وقد أنشد بعضُ النحويين في زيادتها قول الشاعر: [الطويل]

161 - أرَانِي إذَا مَا بِتُّ بِتُّ عَلَى هَوًى ... فَثُمَّ إذَا أصْبَحْتُ أصْبَحْتُ غَادِيَا

وجوز الأخفشُ أن تكون زائدةً في قوله تعالى: {حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وظنوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 118] وهذان القولان ضعيفانِ جداً.

والثالث - وهو الصحيحُ - أنه محذوف، واختلفت عبارتهم في تقديره، فقدَّرَه ابنُ عطيةَ: انهزمتم وقدَّره الزمخشريُّ: منعكم نصرَه.

وقدَّره ابو البقاء: بأن أمركم. ودلّ على ذلك قوله تعالى: {مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخرة} [آل عمران: 152] .

وقدره غيره: امتحنتم.

وقيل فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، وتقديره: حتّى إذا تنازعتم في الأمر وعصيتم فشلتم.

وقدَّره أبو حيان: انقسمتم إلى قسمَيْن، ويدلُّ عليه ما بعده، وهو نظيرُ قوله: {فَلَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015