ومثله قول الآخر: [الوافر]
1643 - وَمَا حَقُّ الَّذِي يَعْثُو نَهَاراً ... وَيَسْرِقُ لَيْلَهُ إلاَّ نَكَالا
ف «حق» اسم «ما» و «نكالا» خبرها.
وتأول الجمهورُ هذه الشواهدَ على أنَّ الخبر محذوف، وهذا المنصوب مَعْمُولٌ لذلك الخبر المحذوفِ، والتقدير: وما الدَّهر إلا يدور دورانَ منجنونٍ، فحُذف الفعلُ الناصبُ لِ «دَوَرَانَ» ثم حُذِفَ المضافُ، وأقيمَ المضافُ إليه مقامه في الإعراب، وكذا: «إلا مُعَذَّباً» تقديره: يُعَذَّبُ تعذيباً، فحُذِف الفعلُ، وأقيم «معذَّباً» مقام «تَعْذِيب» ، كقوله تعالى: {وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} [سبأ: 19] أي: كل تمزيق. وكذا: «إلا نَكَالاً» ، وفيه من التكلُّف ما ترى.
و «مُحَمَّدٌ» هو المستغرق لجميع المحامد؛ لأن الحَمْد لا يستوجبه إلا الكامل، والتحميد فوق الحمد، فلا يستحقه إلا المُسْتَوْلي على الأمَد في الكمال. وأكرم الله نبيه باسمين مشتقَّيْن من اسمه - جل جلاله - وهما محمد وأحمد.
قال أهل اللغة: كل جامع لصفات الخير يُسَمَّى «محمدا» .
قوله: {قَدْ خَلَتْ} في هذه الجملة وجهان:
أظهرهما: أنها في محل رفع؛ صفة لِ «رَسُولٌ» .
الثاني: أنها في محل نصب على الحال من الضمي رالمستكن في «رَسُولٌ» ، وفيه نظر؛ لجريان هذه الصفة مجرى الجوامد، فلا تتحمل ضميراً.
قوله: «من قبله» فيه وجهان - أيضاً -:
أظهرهما: أنه معلق ب «خلت» .
والثاني: أنه متعلق بمحذوفٍ؛ حال من «الرُّسُلُ» مقدَّماً عليها، وهي - حينئذ - حال مؤكِّدة؛ لأن ذِكْرَ الخُلُوِّ مُشْعِرٌ بالقَبْلِيَّة.