عكس الأمر في الطرفين، فأتى بالميم في حال الإضافة، وبحرف العلة في القطع عنها. فمن الأول قوله: [الرجز]
1589 - يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهُ ... وخصَّه الفارسيُّ وجماعة بالضرورة، وغيرهم جوَّزه سعة، وجعل منه قوله: «لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» .
ومن الثاني قوله: [الرجز]
1590 - خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا ... أي: وفاها، وإنما جاز ذلك؛ لأن الإضافة كالمنطوق بها.
وقالت العرب: رجل مفوَّه - إذا كان يجيد القولَ - وأَفْوَه: إذا كان واسعَ الفم.
قال لبيد: [الوافر]
1591 - ... ... ... ... ..... وَمَا فَاهُوا بِهِ أبَداً مُقِيمُ
وفي الفم تسع لغات، وله أربع مواد: ف م هـ. ف م و. ف م ي. ف م م؛ بدليل أفواه، وفموين، وفميين، وأفمام.
فصل
{قَدْ بَدَتِ البغضآء} أي: ظهرت علامة العداوة من أفواههم.
فإن حملناه على المنافقين، فمعناه أن يجري في كلامه ما يدل على نفاقه، وعدم الود والنصيحة، كقوله: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول} [محمد: 30] ، أو بدت البغضاء لأوليائهم من المنافقين، والكفَّار، لإطلاع بعضهم بعضاً على ذلك.
وإن حملناه على اليهود فمعناه: أنهم يُظهرون تكذيب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والكتاب، وينسبونه